مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

سورة الاحزاب سورة مدنية، تشتمل على أحكام خاصة بالمؤمنين في المدينة، وتبيّن حالة المسلمين بعد غزوة بدر الكبرى، وفيها ذكر لحوادث غزوة الخندق – والتي تسمى بالأحزاب أيضا ـ ومن هنا سميت السورة بالأحزاب، وفيها أيضا إشارة الى قصة بني قريظة، وتشتمل على أحكام خاصة بالنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم.

وروى بعض العامة عن ابيّ بن كعب أنّ سورة الأحزاب كانت تعادل سورة البقرة او أكثر ورووا غير ذلك مما يدل على ضياع جزء كبير منها.

فمنها ما رواه أحمد في مسنده (عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَمْ تَقْرَءُونَ سُورَةَ الْأَحْزَابِ قَالَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ آيَةً قَالَ لَقَدْ قَرَأْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الْبَقَرَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَإِنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ).

وروى ايضا (عَنْ زِرٍّ قَالَ قَالَ لِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ كَأَيِّنْ تَقْرَأُ سُورَةَ الْأَحْزَابِ أَوْ كَأَيِّنْ تَعُدُّهَا قَالَ قُلْتُ لَهُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ آيَةً فَقَالَ قَطُّ لَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَتُعَادِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلَقَدْ قَرَأْنَا فِيهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). [1]

وروى الحاكم في المستدرك (عن زر عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة وكان فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) ثم قال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) [2]

وهذه من روايات التحريف وهي كثيرة. وحملها بعضهم على نسخ التلاوة، حيث إنّ اللّه تعالى نسخ بعض الآيات وحذفها من القرآن وإن بقيت أحكامها.

وهو أمر مردود عندنا لأنّ النسخ بمعنى تبدّل الرأي غير ممكن بالنسبة الى اللّه تعالى، بل النسخ الممكن هو انتهاء أمد الحكم بأن تقتضي المصلحة تغيير الحكم.. وأما نسخ آيات الكتاب فلا وجه له، فإن صفة القرآنية لا تنتزع من الآيات، إذ أنّ القرآن هو الكلام النازل من عند اللّه تعالى بصورة الإعجاز، وهذا أمر تكويني لا يتبدّل، وليس كالحكم التشريعي الذي يمكن كونه مغيّى بأمد أو شرط.

ومن رواياتهم ما تدلّ على وجود سور محذوفة بكاملها، ومنها ما تدلّ على حذف ثلث القرآن، وأما حذف الجمل فحدّث ولا حرج.

وورد في رواياتنا ايضا بعض ما يدل على ذلك اجمالا. والصحيح أن هذه الروايات كلها مكذوبة او مأوّلة، وللكلام فيها موضع آخر.

يا أيها النبي اتق اللّه ولا تطع الكافرين والمنافقين... هناك تفسير مشهور لهذه الآيات نذكره اولا، ثم نتبعه باحتمال آخر لعله أقرب. فقد ورد في شأن نزول الآيات، أنها نزلت في ابي سفيان وعكرمة بن ابي جهل وأبي الأعور السلمي لمّا قدموا المدينة، ونزلوا على عبد اللّه بن أبيّ بعد غزوة أحد بأمان من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ثمّ جاءوا مع بعض المنافقين فدخلوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وقالوا: يا محمد ارفض ذكر آلهتنا، وقل إنّ لها شفاعة لمن عبدها، وندعك وربك. فشقّ ذلك عليه صلى اللّه عليه وآله وسلّم، وأمر بإخراجهم، ونزلت الآيات.

وذكر بعض المفسرين أنّ الامر بالتقوى في الآية بمعنى عدم الإقدام على قتلهم. وهو غير صحيح بل من الواضح ــ على فرض صحة الرواية ــ أنّ المراد هو التقوى في عدم الإنصياع لاقتراحهم، فقوله "اتّق اللّه ولا تطع" اي إتّق اللّه في إطاعتهم.

واستبعد بعضهم أن يأمر اللّه تعالى رسوله بالتقوى، وهو صلى اللّه عليه وآله وسلّم سيّد المتقين، فلا بدّ من كون الخطاب متوجها الى غيره وان كان ظاهره متوجها اليه، واعتبر التعليل في الآية التالية (ان اللّه كان بما تعملون خبيرا) حيث ورد الخطاب للجمع قرينة على ذلك.

ولكنه غير صحيح ولا مانع من كون التعليل عاما والخطاب خاصا، والظاهر أنّ الخطاب موجّه إليه صلى اللّه عليه وآله وسلم وانه هو المبتلى بالإطاعة، حسب ما ورد في الحديث.

وذهب بعضهم الى أنّ التقوى ليس لها حدّ فلا مانع من أمر الرسول بها، فهناك مجال لزيادة التقوى حتى فيه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

وهو غير صحيح، لأنّ الوارد في الرواية المذكورة أنّه رفض الإطاعة ولم يتردّد في ذلك، فلا بدّ من توجيهٍ آخر للأمر بالتقوى.      

والذي يخطر بالبال ــ بناءا على هذا التفسير ــ هو أنّ الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، وإن رفض الانصياع لهم، الّا أنّه كان هناك حوله من لا يعجبه ذلك، ويرى أنّ السياسة تقتضي أن يهادنهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ويتنازل ــ نوعا مّا ــ لمقترحاتهم حتى لا تقوم الحروب في المنطقة، ويهدأ الوضع الإجتماعي. فكان رفض الرسول لمقترحهم بحاجة الى دعم من اللّه تعالى ليكون حجّة وعذرا له أمامهم ومبرّرا لموقفه الرافض لكل مهادنة تمسّ أصل الرسالة، كما كان ذلك دأبه وديدنه صلى اللّه عليه وآله وسلم.

فالظاهر أنه صلى اللّه عليه واله وسلم كان مبتلى ــ كما نحن مبتلون في هذا العصر ــ بنوعين من المتطرّفين: قسمٌ يدعو الى محاربة العدو، ومحاربة كل من يدعو الى مصالحته، ويكفّر المسلمين، ويدعو الى قتل الكفّار حتى لو كانوا معاهدين ونزلوا عندنا بأمان، وقسمٌ يدعو الى المهادنة والصلح، ولو على حساب التنازل عن الدين وعن كل الشعائر الإسلامية، بل يرفضون كل شعار إسلامي إرضاءا لخاطر الكفار والمنافقين.

فالقسمان كانا موجودين في الصحابة أيضا، فهناك من سلّ سيفه أمام الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم واستأذن في قتل أصحاب الإقتراح ــ وهو عمر بن الخطاب ــ على ما ورد في القصة، ورفض الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم ذلك لأنهم أتوه بأمان من عنده، وبطبيعة الحال كان بعضهم يفضّل الراحة والصلح والمهادنة.

فالآيات ــ على ما يبدو ــ نزلت لتدعم موقف الرسول المعتدل الذي يرفض قتل المعاهد، ولكنه يرفض ــ بشدّة ــ المهادنة والصلح على حساب العقيدة، خصوصا على أهمّ جزء من العقيدة وهو التوحيد.. فإنّ كلّ الشرائع والرسالات، إنّما جاءت لترسيخ التوحيد ونبذ عبادة غير اللّه سبحانه، فهو أصل الأصول. ولعلّ هذا الذي ذكرناه هو السّرّ في اللّهجة الصارمة التي تشتمل عليها الآيات.

إنّ اللّه كان عليما حكيما... اضطربت الكلمات في توجيه هذا التعقيب، وتناسبه مع مضمون الآية. والظاهر ــ على ضوء ما مرّ، وبناءا على هذا التفسير ــ أنّ الوجه في ذلك الرّدّ على أصحاب الإقتراح، والمنادين بالصلح والمهادنة بأنّ الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يحتاج الى من يعاونه في الرأي، ويشير اليه بما هو الأصلح، فإنه يتبع أوامر اللّه سبحانه، وهو بكل شيء عليم، ولا يأمر بشيء إلا على اساس الحكمة والمصلحة.

وإنّما جمع بين الوصفين لأنّ العمل بالرأي الصائب بحاجة الى أمرين: العلم والحكمة. ولا يكفي العلم وحده، فربما يكون الإنسان عالما بما يجب ان يفعل، ولكنه يتبع هواه ولا يعمل بمقتضى علمه، فلا بد له من حكمة تمنعه من متابعة الهوى. والحكمة هي المنع تقول: حكمت الدابة إذا ألجمتها ومنعتها فالحكيم يمتنع من متابعة الهوى. واللّه تعالى عليم يعلم ما هو الاصلح، وحكيم لا يعمل الا ما هو الاصلح، ولا يأمر الا بما هو الاصلح. 

واتّبع ما يوحى اليك من ربك... اي إنّك لست بحاجة الى اقتراح او رأي من أحد، وما عليك إلّا أن تتّبع ما يوحى إليك من ربّك العليم الحكيم.

ان اللّه كان بما تعملون خبيرا... وهذه الجملة أيضا تتضمّن تهديدا ــ والخطاب للمسلمين جميعا ــ وهو يحذّرهم من ربّهم، فالإنسان كثيرا ما يغفل عن هذه الحقيقة وهي أنّ هناك عينا ترصده، وترصد كل ما يصدر منه من قول أو فعل، بل كل ما يخطر على باله، فيظنّ أنّ بعض ما يصدر منه من هفوات حيث لا يراه أحد، فإنّها تنتهي ولا يحسب لها حساب، ويغفل عن أنّ اللّه تعالى لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماوات ولا في الأرض..

فالآية الكريمة ــ بناءا على هذا التفسير ــ تحذّر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين من أن يصدر منهم أيّ اقتراب لقبول هذا الإقتراح الفاضح، المخالف لأساس الدين والشريعة.

وتوكّل على اللّه... هذه الآية تقطع كل عذر لقبول الإقتراح، فإنّ غاية ما يمكن أن يعتذر به، هو الخوف من الأعداء وإيذائهم أو عدوانهم..

وحاصل الجواب أنّ المؤمن في سبيل الدعوة وإعلاء كلمة اللّه تعالى، يجب أن يتوكّل على اللّه، ويعتمد على لطفه وعنايته. والتوكّل هو إيكال الأمر إليه (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه فَهُوَ حَسْبُهُ..) الطلاق: 3.

وكفى باللّه وكيلا... فمن أوكل أمره اليه وجاهد في سبيله، فليطمئنّ وليسترح ولا يخافنّ شيئا، فإن المتكفّل بشؤونه هو اللّه العليم الحكيم، القادر على كلّ شيء. ولكنه تعالى لا يتكفّل للمؤمن المتوكّل أن يصل الى كلّ ما يهواه ويرغب فيه، فربّما لا يكون نافعا له وهو لا يعلم، وربما يكون نافعا لدنياه ومضرّا بدينه، وإنّما يتكفّل بما هو الأصلح والأنفع لحاله.

ثمّ إنّ التوكّل لا يعني أن يترك الإنسان واجبه، ولا يسعى لبلوغ مآربه المشروعة متوكّلا على اللّه تعالى، فالسرّ في التوكّل أنّ الإنسان وإن بذل كل جهده، وكان خبيرا بما يتطلّبه الأمر، إلّا أنّه يبقى عاجزا عن بعض ذلك او جاهلا به. وهناك موانع كثيرة في طريق الوصول الى الأهداف يجهلها الإنسان، مهما توسّعت خبرته وعظمت قدرته، فإذا توكّل على اللّه تعالى وكان من مصلحته، كفاه اللّه ذلك.

ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه... المراد بالقلب، النفس الإنسانيّة لا القلب الذي هو عضو في الجسم يضخّ الدم. وهذا تعبير كنائي يقصد به أنّ الانسان لا يمكن أن يكون له عقيدتان متنافيتان، فيكون ــ بناءا على التفسير السابق ــ إشارة إلى منع اجتماع الشرك والتوحيد في قلب إنسان واحد، ليؤيس بذلك المشركين، ويمنعهم من محاولة الضغط على الرسول صلى اللّه عليه واله وسلم، ليتنازل عن بعض ما أوحي اليه، بهدف تقارب المذهبين: الشرك والتوحيد.. وبذلك تكون هذه الجملة تكملة لما ورد في الآيات السابقة.

ولكن هناك رأي بأنّ هذه الجملة ترتبط بما بعدها، أي اعتبار الزوجة اُمّا بالظهار، وذلك على أساس أنّ هذين اعتباران متنافيان، فإمّا أن يعتبر الرجل المرأة زوجته، فيعاشرها معاشرة الازواج، وإمّا أن يعتبرها محرّمة كحرمة الأمّ، فلا تعتبر زوجة وتكون مطلقة ويخلّي سبيلها.. والعرب كانت تظلم المرأة بالمظاهرة، فتعتبرها زوجة من جهة، فلا يجوز لها الزواج بغيرها، ولكنّها زوجة تحرم عليه كحرمة الأمّ.       

هذا ولكنّ الإحتمال الأقرب في تفسير الآيات ــ وإن لم يذكره المفسرون ــ هو أنّها من أوّلها تنظر الى هذه الأحكام، أي أحكام الظهار والتبنّي، فإنّ التفسير المشهور يوجب إنفصاما بين الآيات لا موجب له، فلا يبعد أن يكون المراد بأمر الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم بالتّقوى، عدم الخوف من الناس في إبلاغهم الأحكام الشرعية الّتي تتنافى مع عاداتهم وسننهم الإجتماعية.

ومن الطبيعي أنّ الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم ما كان يتهاون في تبليغ أحكام اللّه تعالى، ولكنّه بطبيعة الحال، كان يلاحظ الوضع الإجتماعي ويحاول تمهيد الوضع، ليتلاءم مع إعلام الحكم، فإنّ المجتمع ــ بطبيعة الحال ــ لا تتقبل بعض الأحكام والقوانين.. فمجتمع بدويّ فاسد بجميع المعايير، وغارق في الشرك والوثنية، والمفاسد الإجتماعية الموروثة، والسنن الجاهلية المتجذّرة فيه، لا يمكن ان يتبدّل في يوم وليلة الى مجتمع يسوده التقوى والورع والطهارة..

ولذلك كان ولا بدّ من أن تنزل الاحكام الشرعية الإلهية بالتدريج، لتتلقّى القبول. وكان الحكم في بداية الأمر أنه يكفي في إسلام المرء أن يقول: لا إله الا اللّه، فلم يجب آنذاك صلاة ولا زكاة ولا صوم، ولم يحرم عليه المنهيات الدينية، ثم تدرّجت الأحكام والأوامر والنواهي.

وهذا الأمر أي ملاحظة وضع المجتمع لإعلام القوانين التي تخالف سننها وعاداتها نوع من التقيّة، فإنّ الزعماء يتّقون الناس في إعلان ما لا يتلاءم مع رواسبهم الفكرية والثقافية.. والتقيّة لا تختصّ بموضع الخوف على النفس والعرض والمال من ظالم متسلّط بل أكثر الزعماء يتّقون عامّة الناس، ولا يبدون جميع معتقداتهم. ولذلك ورد في بعض رواياتنا أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا يتّقون عوام الشيعة.

واللّه تعالى يأمر رسوله هنا أن لا يلاحظ هذا الأمر إذا اُمر بتبليغ الحكم، فإنّ اللّه تعالى هو العالم بحقائق الأمور، وهو يعلم أنّ الوقت والوضع الإجتماعي مناسب لإعلام ذلك، ولا موجب للخوف والتقية.

وعليه فهذه المجموعة من الآيات، نظير ما ورد في سورة المائدة حول إعلام ولاية اميرالمؤمنين عليه السلام (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّه يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ...) المائدة: 67.

والآية واضحة الدلالة على أنّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يلاحظ الوضع الاجتماعي، ويحذر من إعلام الناس في حشد كبير مثل هذا الامر الخطير، خوفا من اتّهامه بمجاملة ابن عمه وصهره وترجيحه على الآخرين، وإن كان قد أعلنه مرارا في مجالس خاصّة من بدو الدعوة حيث نزلت الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) الشعراء: 214، الى يوم الإعلان العام، وبعده أيضا الى يوم وفاته صلى اللّه عليه واله وسلم، ولكنه لم يعلنه في حشد كبير كالذي تجمّع في غدير خمّ، فكان يحذر من ذلك، فنزلت الآية الكريمة تعلن أنّ هذا الأمر يبلغ من الأهمية درجة تساوي أصل الرسالة، فإن تهاونت في تبليغه للناس، فكأنك لم تبلّغ الرسالة أصلا.

ومن الطبيعي أن أمرا هذا شأنه لا يمكن ان يكون حكما فرعيّا من أحكام الصلاة والصوم، او الحدود والديات، او القتال والجزية، ونحو ذلك، وإنما هو حكم مصيريّ تتوقّف عليه استقامة المسير الرسالي بعد وفاة الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم، وبعد التأكيد على درجة أهمّيّة البلاغ طمأن الرسول صلى اللّه عليه واله وسلم بأن اللّه تعالى يعصمه من الناس، وأنّ الوضع الإجتماعي يناسب تقبّل مثل هذا الأمر، فلا موجب للتقيّة في إبلاغ المجتمع، ذلك لأن التقيّة إنما تحسن مراعاة لوضع الناس، وتخوّفا من ردّ الفعل الإجتماعي تجاه هذا الإعلان، فإذا أمر اللّه تعالى بالإبلاغ، فلا وجه للتوقف والإنتظار.

وهنا أيضا نزلت السورة بأحكام شرعية، لها جانب من الخطورة في تقبّل المجتمع، لأنها تعارض السنن الإجتماعية العريقة في اعتبار الزوجة المظاهرة بمنزلة الأم، واعتبار الولد المتبنّى بمنزلة الإبن وهذه امور تتعلق بشؤون الأسرة، والعرف الاجتماعي القبليّ يهتمّ بها أكثر من غيرها من الشؤون، ومن الصعب جدّا عليهم أن يتنازلوا في ذلك كما هو الحال عليه الآن.

والسورة تشتمل مضافا الى ذلك على أحكام خاصة بالرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم في شؤون الزواج، وهي أيضا أمور يصعب عليه إعلانها للمجتمع حذرا من اتّهامه في ذلك كما اتّهمته بعض زوجاته ــ وسيأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى ــ ولذلك ورد في هذه السورة قوله تعالى: (وتخفي في نفسك ما اللّه مبديه وتخشى الناس واللّه أحق ان تخشاه) نظير ما ورد في التبليغ بولاية امير المؤمنين عليه السلام.

فكلّ ذلك يستلزم تقديم هذه المقدمة، لتقوية عزيمة الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم وطمأنته والتأكيد عليه بأنّ الحكم من اللّه تعالى والنبي مبلّغ عنه، وعليه أن يتوكّل على اللّه تعالى ولا يهتمّ بما يحيك له الكافرون والمنافقون من مؤامرات، ولا يعبأ بالرواسب الإجتماعية لدى الناس..

فالدين لم يأت لتأسيس حكومة حتى إذا توقّف الأمر على مداهنة الناس، يداهنهم حسبما تقتضيه السياسة، بل الدّين جاء ليبدّل المعايير والسنن الإجتماعيّة والثقافة العامّة.. فكلّ الآيات السابقة ترتبط بهذا الشأن من الأمر بالتقوى والنهي عن إطاعة الكافرين والمنافقين ثم التوكّل على اللّه تعالى ومتابعة الوحي، والتحذير من أن اللّه عليم خبير وغير ذلك.

والحاصل أنّه بناءا على هذا التفسير، تتلاءم الآيات وترتبط بعضها ببعض، بخلاف ما ورد في التفاسير فإنّه يوجب انفصاما واضحا بينها لا نجد له وجها. والحمد للّه على التوفيق.

واما قوله تعالى: (ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه) فلا يبعد أن يكون مقدّمة لما بعده من حكم الظهار، وذلك لأن العرف الجاهليّ كان يعتبر الزوجة بعد الظهار في عصمة الرجل، ومع ذلك كانوا يمنعونهما من المعاشرة معاشرة الأزواج كما سيأتي.

واللّه تعالى لمّا أراد أن يبيّن لهم بطلان ما ذهبوا اليه، وأنّ هذه المرأة لا مانع من معاشرتها قدّم لذلك مقدمة لكي تتهيأ النفوس لقبول الحكم، بعد أن اعتبر العرف هذه المرأة بمنزلة الأمّ في قبح الإستمتاع منها.

ومن الطبيعي تأثير ذلك في النفرة والاشمئزاز النفسي من مقاربتها، فكان لا بدّ من تقديم ما يهيء الأرضية الصالحة نفسيّا لتقبّل الحكم.. وهو أنّ الانسان لا يمكن أن يكون له إتجاهان متعاكسان، فإمّا ان تعتبر هذه المرأة اُمّا له، فليخلّ سبيلها، و إمّا أن تعتبر زوجة له، فليعاشرها كزوجة. وبهذا البيان يتمّ الإرتباط بين هذه الجملة والحكم الآتي.  

وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهنّ امّهاتكم... كان من عادات العرب في الجاهلية الظهار، فإذا كرهوا الزوجة قالوا لها: (أنت عليّ كظهر أمّي) اي الإستمتاع منك محرم عليّ كما يحرم عليّ الإستمتاع بظهر أمّي.. وكانت النتيجة ــ حسب معتقدهم وعادتهم ــ أنّها تبقى زوجته، فلا يجوز لها أن تتزوج بغيره ولكن يحرم عليهما الإستمتاع الجنسي.

وبذلك كانوا يعاقبون المرأة المسكينة فتبقى معلّقة، لا هي ذات زوج ولا خليّة. والإسلام حرّم الظهار ولكن يترتّب عليه شرعا أنّه لا يجوز له الإستمتاع حتى يكفّر عن ظهاره وتجب عليه الكّفارة.

وقوله تعالى: (وما جعل ازواجكم...) يبين أنّ هذا الامر الإعتباري الذي كانت العرب في الجاهلية تقبله وتفرضه على المجتمع، مرفوض عند اللّه.. فاللّه تعالى لا يعتبر الأزواج اللواتي ظاهرهنّ أزواجهنّ أمّهات لهم، فيحرمن عليهم كحرمة الأمّهات، فاعتبار الرجل زوجته كأمّه، إعتبارٌ باطلٌ لا أثر له، ولكنّه حيث ارتكب محرّما، فلا يجوز له الإستمتاع بها إلّا بعد الكفّارة ولا يجوز له أن يتركها، فلا يكفّر حتى يحل الإستمتاع ولا يطلّق فتبقى معلقة، بل يجبره الحاكم الشرعي على اختيار أحد الأمرين. وإذا لم يتمكن من إجباره، فحسب بعض الآراء الفقهية يطلّقها الحاكم.

وهناك اعتبارات مشابهة في كثير من الأعراف والتقاليد، لا يقرّها الشرع، كعقد الأخوة.. وربما يعتقد بعض الناس أنّ أحدا إذا عقد الأخوّة مع امرأة مثلا أو مع أخيها، حرمت عليه وحلّ له النظر إليها، وكذا سائر أحكام الأخوّة وهذا كله باطل.

ثم انّ الظهـار يتعـدّى بـدون حــرف الجـر كقـولك: ظـاهـر فلان زوجتــه، وانـما تعــدّى هنـا بـ (من) لتضمينه معنى الإنفصال او الإجتناب.

وما جعل أدعياءكم أبناءكم... من السنن الجاهليّة أيضا التبنّي، فكان بعضهم يتبنّى لنفسه ولداً ويعتبره إبنا له، إمّا لأنّه لا ولد له ــ وكانوا بحاجة الى الأبناء ــ أو لميزة يجدونها في من تربّى تحت أيديهم، ويترتّب عليه عندهم كل أحكام البنوة. والنبيّ صلى اللّه عليه وآله وسلم أيضا تبنّى زيد بن حارثة، وأصله من اليمن، أُخذ رقيقاً في السبي.

والإسترقاق أيضا من سننهم، فكان بعضهم يغير على بعض ويسلبون أموالهم ويسترقّون نساءهم وذراريهم، وكان زيد من الرقيق، فاشتراه الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم وأعتقه ثم تبنّاه.. ولما جاء أهله لتحريره بالفدية وأخذه معهم ــ كما كان ديدنهم ــ رفض زيد أن يترك الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، وكان الناس يدعونه زيد بن محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم.

وكانت العرب تهتمّ بترتيب آثار البنوّة على التبنّي بحيث يأبى الأب أن يتزوج زوجة إبنه بالتبنّي، وأراد اللّه تعالى بهذه الآيات البيّنات أن يقتلع هذا الفكر الجاهلي من جذوره، فأمر الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم أن يتزوّج زوجة زيد بعد ان استمتع بها مدة من الزمان.

ذلك لأنّ السنن والعادات الإجتماعية وخصوصا في المجتمع البدويّ البعيد عن الثقافات والحضارات، متركزّة في النفوس ويصعب جدا إقتلاعها، ولا يكفي في ذلك إنشاء حكم تشريعي يخالفه.

ولذلك أمر اللّه سبحانه رسوله الكريم صلى اللّه عليه وآله وسلّم أن يباشر بنفسه عمليا مخالفة هذه السنة الإجتماعية المتجذّرة في النفوس، بحيث يعتبر مخالفتها فضيحة إجتماعية.

فقوله تعالى: (وما جعل أدعياءكم ابناءكم...) يشير الى الحكم التشريعي، مقدمة للأمر بالمخالفة العملية. والادعياء جمع دعيّ وهو الذي يدعوه الانسان إبنا له.

والغرض أنّ اللّه تعالى لا يرتّب أيّ أثر على هذا الإعتبار الجاهلي، فلا يعتبر الدعيّ إبنا، وبالتالي فلا يرث منكم، ولا ترثون منه، ولا تجب نفقته.. الى غير ذلك من الأحكام.

ذلكم قولكم بافواهكم... أي إنّ هذا الإعتبار مجرد قول وتلفظ باللسان، وليس له أي أثر واقعي.. فالزوجة لا تنقلب أمّا، والدّعيّ لا ينقلب إبنا، لا بحسب الطبيعة، ولا بحسب الشريعة، فهذا مجرّد تعبير أدبيّ، نظير التعبير بالإبن بالنسبة لمن تحبّه ممن هو بمنزلة الإبن، أو التعبير بالأب عمّن تحترمه وتُجلّه ممن هو أكبر منك سنّا، وبالأمّ عن المرأة الكبيرة، ونحو ذلك.

واللّه يقول الحقّ... أي إنكم تقولون حقّا وباطلا، ولكن اللّه لا يقول إلا الحق. والأمر هنا وإن كان أمراً إعتباريا لا يتصف بكونه حقّا وباطلا، إلّا أن الإعتبار القانوني لا يصحّ إلا من اللّه تعالى، فكل قانون من غيره باطل إلا في المجال الذي يأذن اللّه تعالى فيه ولمن يأذن له.

مضافا الى أنّ الاعتبار ان لم يستند الى مصلحة او مفسدة واقعية وانما استند الى أوهام وخرافات صحّ التعبير عنه بأنه باطل لانه يبتني على باطل.

وهو يهدي السبيل... أي إن السبيل الحق والصراط المستقيم الذي يؤدّي الى سعادة الدنيا والآخرة، هو ما يهديكم إليه اللّه تعالى فقط، فاتّبعوه واتركوا السنن الجاهلية، فكل اعتبار عرفي لا تعتبره الشريعة الإلهية ولا تنفّذه، لا أثر له، لأنّ هذا من الحكم، والحكم ليس إلا للّه تعالى، والمصالح والمفاسد الواقعية لا يعلمها الا هو.

اُدعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه... أي إنسبوا الادعياء لآبائهم، ولا تنسبوهم الى من تبنّاهم. وتنفيذا لهذا الحكم منع الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم أن يقال زيد بن محمد، بل زيد بن حارثة.

والقسط ــ بالكسر ــ هو العدل، وأصله النصيب. و ــ بالفتح ــ الجور. والقاسط الذي يأخذ نصيب الآخرين ويجور، قال تعالى (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) الجن: 15. والمقسط العادل كأن الهمزة بمعنى رفع القسط اي الجور قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) المائدة: 42.

فالأدعياء إذا نسبوا الى آبائهم كان أوفق بالقسط والعدالة عند اللّه تعالى، فإنّ العدل إعطاء كل شيء حقه، ومن حقّ الولد أن يُنسب الى أبيه. والأقسط هنا لا يفيد معنى أفعل التفضيل ليدلّ على وجود شيء من القسط في إسناد الأدعياء الى المتبنّين، وذلك لأنّ العدالة أمر واحد ليس فيه عادل وأعدل.

نعم يصحّ ذلك في الأشخاص باعتبار إختلاف الموارد، وأمّا الحكم فإمّا أن يكون صحيحا موافقا للحق فهو العدل، أو لا يكون فلا عدل فيه أصلا. فهذا نظير قوله تعالى (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) المائدة: 8.

ولعل الوجه في الاتيان بأفعل التفضيل هنا هو أنّ الإسناد الى الأب في الظاهر قد لا يكون موافقا للواقع، فليس هو تمام القسط، ولكنه أقرب الى القسط من اسناده الى من تبنّاه، كما أنّ العدل قد لا يكون ملازما للتقوى، فهناك من الكفار من يعمل بالعدل ولو في بعض الموارد، كما أن المؤمن العادل قد يعمل بالجور ايضا.

فالمراد بكونه أقرب أنّ التّقوى يستوجبه او يستدعيه وليس معناه أنّ الجور ايضا قد يكون من التقوى، وأن العدل أقرب منه.

فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم... اي فان لم تعلموهم فهم اخوانكم... وكثيرا ما لا يعلم للدعيّ أب، بل ربما لا يكون له أب شرعي كالمتولد من الزنا، حيث ان الابوّة هنا لا تترتب عليها كل الاحكام.

وهناك اختلاف فقهي في ترتّب أحكام البنوّة والأبوّة ما عدا الإرث بالنسبة لولد الزنا، من الحضانة والتربية ووجوب النفقة والولاية، فأقرّها بعض الفقهاء، وذهب بعضهم الى عدم ترتّبها إلا حرمة الزواج.

ومن تلك الاحكام النسبة بأن يقال فلان بن فلان، ولذلك لما ألحق معاوية، زياد بن ابيه الى أبيه واعتبره أخاه، مع أن أباسفيان لم يكن زوج أمّه عيب عليه ذلك لكونه مخالفا للشريعة.   

ومهما كان فالآية تدعو الى عدم إلحاق الدعيّ في النسبة الى من تبنّاه، فلا يعتبره إبنا له بل يعتبره أخا في الدين باعتبار أنه مؤمن ومسلم أو يعتبره مولى.

ولذلك بعد نزول الآية، تبدّلت التعابير فكانوا يقولون قبل الآية مثلا: سالم ابن أبي حذيفة، ثمّ تغيّر الإسم وقالوا: سالم مولى أبي حذيفة. والولاء بمعنى التبعيّة، والشيء يلي شيئا أي يأتي بعده، والموالاة أي المتابعة، والمولى يطلق على التابع والمتبوع.

وليس عليكم جناح في ما أخطأتم به... بطبيعة الحال يقتضي التعوّد على التعبير بالإبن ومناداته به وقوع الخطأ في موارد كثيرة. وحيث إنّ النهي يستوجب كون ذلك إثما وعصيانا للّه تعالى، فاستدرك حالات الخطأ والنسيان.

والجناح: الاثم، واصله الميل والانحراف، واُطلق على الاثم لانّه ميل عن الحق.

ولكن مّا تعمّدت قلوبكم... اي ولكن الاثم في ما تعمّدت، اي قصدت قلوبكم اطلاق لفظ الابن. والحكم بالمنع إنما يشمل الإطلاق الحقيقي على أساس اعتباره إبنا في العرف، وأمّا الإطلاق المجازي ــ كما يطلق الإنسان كلمة "ولدي" على أيّ شابّ في عمر إبنه لإظهار الودّ والحنان ــ فلا إشكال فيه قطعا، ولا يشمله المنع، لأنّ المراد بتعمّد القلوب ما كان القصد منه متابعة السنّة الجاهلية في التبنّي.

ويظهر منه أنه كان هناك أناس في المجتمع الإسلامي آنذاك لا تعجبهم هذه القرارات الصارمة ضدّ الأفكار الجاهلية، وكانوا يحاولون الإبقاء على تلك السنن.

وكان اللّه غفورا رحيما... لعلّ التعقيب بالإسمين الكريمين، لتعليل العفو عمّا يصدر من ذلك خطأ، فإن العفو عنه ليس أمرا ضروريّا، وكان من الممكن أن يؤاخذ الإنسان حتى بخطئه في ذلك. ولذلك ورد في الأدعية القرآنية: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة: 286.

وهناك كثير من الأخطاء تترتب عليها أحكام تكليفية شاقّة، كما لو أخطأ المكلف في طهارته، فكانت صلاته بلا طهارة من الحدث ستين سنة مثلا، فإنّ عليه قضاءها بأجمعها، كما أنّ نسيان الصلاة مثلا يستلزم وجوب القضاء، والقتل خطأ يوجب الكفارة مضافا الى الدية ونحو ذلك.

هذا مضافا الى أنّ الخطأ والنسيان ربما لا يستندان الى أمر خارج عن الاختيار، بل الى التسامح والإهمال، فارتفاع المؤاخذة يوم القيامة عن موارد الخطأ والنسيان إنما هو من جهة المغفرة والرحمة الإلهية.

ويحتمل أن تكون هذه الجملة إشارة الى أنّ اللّه تعالى يغفر هذا الذنب حتى لو تعمّده الإنسان، نظير ما ورد في الظهار في سورة المجادلة حيث قال تعالى بعد عدّ الظهار منكرا من القول وزورا: (وَإِنَّ اللّه لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) واستفيد منه انّ الظهار محرّم معفوّ عنه، فيمكن أن يكون الأمر كذلك في مناداة الدعيّ بالإبن. والإحتمال الاول أظهر.

 


[1]  مسند احمد ج5 ص 132 وروى مثل ذلك النسائي في سننه ج4 ص271

[2]   المستدرك ج2 ص415