مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ... بعد بيان حال اليهود وهم من ألدّ أعداء الاسلام وبيان ما منّ به على المسلمين من نصرهم وتقوية شوكتهم وخذلان أعدائهم من المشركين واليهود وهم كانوا بين أظهرهم ويرون قوتهم وشوكتهم وبأسهم واموالهم وعلمهم فأذلهم الله تعالى وأخزاهم وكذلك بعد بيان ما آل اليه امر المنافقين من الخزي والذل والهوان يعود السياق الى المؤمنين ليذكّرهم بلزوم التقوى وتزكية النفس ومراجعة الاعمال حتى لا يستخفّ عقولهم الشعور بالغلبة والانتصار ولا يغرنهم الشيطان والنفس بالركون الى انفسهم والنظر في اعطافهم. والتقوى من الوقاية والحفظ والمراد بتقوى الله حفظ النفس من غضبه وسخطه ومخالفة أوامره ونواهيه.

وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ... تذكير بالآخرة وبأن للانسان يوما يحاسب فيه وليس له الا ما عمل في هذه الحياة فعليه أن يقدّم لنفسه من صالح الاعمال ما ينفعه هناك ويجتنب ما يضرّه في تلك الظروف العصيبة. والامر بالنظر بمعنى التأمل والدقة فيما عمله الانسان. وعبّر عن العمل بما قدّمه لأنه يسجّل عليه قبل وفاته فكأنه بعثه الى محل استقراره قبل ذهابه. والمراد بهذه الجملة التأكيد على لزوم مراقبة النفس ومحاسبة الاعمال فان الانسان مهما صلحت سريرته وتفانى في تقواه فانه لا يخلو عمله من هفوات وقصور في الأداء فلابد من محاسبة النفس واصلاح العمل ومراجعة الماضي وخصوصا في ما يخص حقوق الآخرين.

والتعبير عن يوم القيامة بالغد اشارة الى قربه فلا يتصور أنه بعيد ولا يجب الاستعداد له من الآن. وهذا هو المشهود من حال البشر فان الغالب حتى من المؤمنين الاهتمام بما يضر او ينفع عن قريب ولذلك لا يمتنع اكثر الناس من التدخين مثلا لان ضرره في المستقبل ويمتنعون مما يضر فورا وان كان ضرره اقل من التدخين وهكذا الانسان الذي خلق من عجل لا ينظر الى البعيد. والانسان يجب ان يستعد لآخرته لان الموت قريب حتى لو كانت القيامة بعيدة ومن مات فقد قامت قيامته وانقطع عمله. والانسان لا يمكن ان يضمن حياته وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت. ويمكن ان يكون التعبير بالغد باعتبار أنه مستقبل محتوم كما أن الغد آت لا محالة فلا يظنّـنّ أحد أن الحديث عن القيامة حديث عن المجهول فان الله تعالى قد أخبر بها وهو العالم بكل شيء.

وقد وقع الكلام في وجه تنكير النفس مع أن المراد العموم فقيل ان النكرة في سياق الامر تدل على العموم كما هو الحال فيما اذا كان في سياق النفي والنهي. وهذا غير صحيح فلو قال المولى ليقم رجل منكم فانما يدل على الاطلاق وعدم وجود شرط في المطلوب ولا يدل على العموم اي وجوب قيام الجميع بل على وجوب قيام رجل واحد. ويمكن أن يكون الاتيان بالنكرة اشارة الى قلة من يراجع عمله وينظر في ما قدمت يداه فالمعنى (لتكن بينكم نفس واحدة ــ على الاقل ــ تنظر ما قدمت لغد) وهو مبالغة في القلة. ويمكن ايضا ان يكون الوجه في ذلك ان الآية توجّه الخطاب الى كل مؤمن بشخصه وحينئذ تصح الكناية عنه بالاتيان بالنكرة كما يقال للشخص رجل يفعل كذا او يجب ان يكون كذا ويقصد به المخاطب من باب التعريض وهو يعرف عن نفسه انه يفعل او انه يجب عليه ان يكون كذا وهو متهاون في ذلك كما ان النكرة يؤتى بها كناية عن المتكلم بالذات كما يقول الخاطب للمراة (رجل يطلبك) ويقصد به نفسه وهذا انما يصح بالطبع مع وجود القرينة والحاصل ان الآية اذا فرضت خطابا لكل انسان فهي تفيد بالتنكير والكناية الشمول التام الذي لا يمكن تخصيصه وهو المقصود وهذا أبلغ من التعبير بكل نفس لامكان التخصيص هناك. 

وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ... يقال انه كرر الامر بالتقوى للتأكيد وليعقبه بالتعليل بقوله (ان الله خبير..) وذلك للفصل بين الامر الاول والتعليل بقوله (ولتنظر..) وفي الميزان أن الامر الاول للتقوى في مقام العمل والامر الثاني للتقوى في مقام المحاسبة.

وما ذكره العلامة رحمه الله لطيف جدا فان الانسان حتى لو حاسب نفسه فانه يحاول في الغالب تبرير ما صدر منه ويختلق الاعذار لنفسه. ولذلك فان المحاسبة الامينة والواقعية لا تكون الا بتقوى الله تعالى وهي عزيزة جدا فان اكثر الناس لا يراجعون أعمالهم والذي يراجع ايضا انما يراجع ليؤكد على صحة عمله ويزكي نفسه ولا ينظر الى أعماله نظرة المحاسب الدقيق والقاضي العادل وخصوصا في ما يعود الى النية مع أن الانسان على نفسه بصيرة الا انه يخدع نفسه. مضافا الى انه يناسب التعليل فالامر بالتقوى في مقام المحاسبة اقرب الى ان يعلل بان الله تعالى خبير بالاعمال وبالنيات والتنبيه على انه هو الذي سيحاسبكم يوم القيامة وهو أعلم بكم وباعمالكم فاحذروه. والتقوى في مقام المحاسبة أهم من التقوى في مقام العمل وأخطر وأصعب. وما أقل المتقين في هذا المقام؟!

وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ... الكلام هنا في اربع جهات: الاول: ما هو المراد بنسيان الله تعالى؟ الثاني: كيف يتحقق للمؤمن وهو المخاطب هنا نسيان الله تعالى؟ الثالث: ما هو المراد بنسيان الذات؟ الرابع: ما هي العلاقة بين نسيان الله تعالى ونسيان الذات؟

اما في الجواب عن  السؤال الاول فنقول: المراد بالنسيان أثره فان الناسي للشيء لا يرتب أثرا على وجوده لغفلته عنه مع أنه موجود حاضر فاذا كان الانسان لا يهتم بحضور ربه فكأنه نسيه. وكما أن الملحد المنكر لوجود الله تعالى لا يرتب أثرا على وجوده لعدم الاعتقاد كذلك من يعتقد به ولكنه نسي وجوده او نسي حضوره او تناساه. والمؤمن المعتقد يجب أن يكون مستحضرا لوجود ربه وحضوره في كل مقام وهذا الاستحضار هو الذي يبعث على التقوى ويمنع من الآثام وارتكاب الكبائر بل الصغائر.

والجواب عن السؤال الثاني أن الانسان اذا ارتكب اثما مع كونه مستحضرا لوجوده تعالى فان كان مع خوف وخجل من ربه فانه يؤثر في نفسه تأثيرا طفيفا فان لم يتب وكرر ذلك عدة مرات فانه يذهب عنه الخوف والحياء ويعتاد على ذلك وينسى ربه. اما اذا لم يكن من اول اثمه خائفا وجلا فانه ناس لربه من البدو وهو يناقض الايمان. ولذلك لم يقل (لا تنسوا) بل قال (لا تكونوا كالذين نسوا الله) فالذي يمكن ان يصدر من المؤمن هو الغفلة والتناسي مضافا الى احتمال ان يكون اختيار هذا التعبير للاشارة الى المصاديق الخارجية للذين نسوا ربهم لتكون شواهد على الموضوع فيكون المعنى اذا نسيتم الله او تناسيتموه فستكونون كهؤلاء الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم وكأنه يشير الى جمع من الناس نراهم بأعيانهم ينطبق عليهم ذلك. 

والجواب عن السؤال الثالث أن معنى نسيان النفس أن الانسان لا يعرف قدر نفسه وينسى انسانيته فلا يفكر في شيء الا في ما تقتضيه غرائزه الحيوانية وهي امور تحرّكه بصورة طبيعية كما يتحرك لها الحيوان من دون تفكير ومحاسبة والانسان بطبيعته ليس كالحيوان بل له دوافع وموانع في ذاته تدعوه الى اعمال خاصة وتمنعه من اعمال اخرى فاذا نسي جانبه الانساني بمعنى أنه أهمله او نسيه واقعا فانه يرتكب ما لا توافق عليه الطبيعة البشرية. وبذلك يصبح أحسن حالات هذا الانسان ان يكون كالبهيمة المربوطة همها علفها وفي حالات اخرى يكون كالحيوان المفترس والسبع الضاري.

والجواب عن السؤال الرابع أن العلاقة بين نسيان الله تعالى ونسيان الذات علاقة طبيعية وكل أمر طبيعي من الله تعالى ولذلك أسنده الى نفسه وقال (فأنساهم أنفسهم) وذلك لسببين:

الاول: ان كرامة الانسان بعبوديته لله تعالى فاذا تخلى عن العبودية فقد تخلى عن كرامته ومعنى ذلك أنه لا يرى لنفسه ميزة عن الحيوان بل ربما يتنزل عن منزلة الحيوان ايضا لان الحيوان له توجّه الى ربه (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)[1] فهذا الانسان اصبح كالانعام بل أضلّ سبيلا.

والثاني: ان أقوى وازع للانسان عن ارتكاب الجرائم وأقوى دافع لاعمال الخير هو الخوف من الله تعالى وطلب مرضاته فاذا بلغ الانسان مرحلة نسيان الله تعالى فانه يفقد ما يدفعه الى الخير ويجنّبه المخازي والرذائل ومعنى ذلك أنه يفقد ما تقتضيه انسانيته ويكون كمن نسي نفسه.

أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ... العبارة تدل على الحصر وأن الفاسق الواقعي هو الذي ينسى الله تعالى بمعنى أنه لا يراعي جانبه ولا يلاحظ حضوره ابدا ومن الواضح أن مثل هذا الانسان لا يتقيد باي حكم من احكامه تعالى فيكون هو المصداق الواضح للفاسق.

لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ... الصحبة لا تختص بالملازمة بل تصدق بالملاءمة قال الخليل (كل شيء لاءم شيئا فقد استصحبه) ومن ذلك قوله تعالى (وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)[2] فاطلق عليهم عنوان اصحاب الجنة مع انهم لم يدخلوها وانما يطمعون ورودها. والظاهر أن المراد بالاصحاب هنا ايضا هذا المعنى لا الذين سكنوها اذ من الواضح ان ساكن النار ليس كساكن الجنة خصوصا اذا اعتبرنا في الصحبة معنى الملازمة. وعليه فالمراد بالفريقين هنا الذين يستحقون النار والذين يستحقون الجنة. وقرينة السياق تقتضي أن يكون المراد بأصحاب النار الذين نسوا الله تعالى ولم يلاحظوا جانبه في أعمالهم ولم يتّـقوه وباصحاب الجنة المتقون الذاكرون لله تعالى دائما وفي كل حال او كثيرا كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا).[3] وفي الآية تعريض بأن الذين نسوا الله او كانوا كالذين نسوا الله من اصحاب النار حسب استحقاقهم. والمراد بعدم الاستواء عدمه يوم الجزاء وان كان ربما تستوي حياتهم في الدنيا بل ربما يكون اصحاب النار اقرب الى السعادة فيها. وأما ما يقال من انهما يختلفان حتى في هذه الحياة وان كان صحيحا الا أنه ليس مقصودا في هذه الآية.

والفوز هو الظفر بما هو المطلوب في اي نشاط يمارسه الانسان فالفائز في اللعب هو الذي يحصل على الجائزة والفائز في الحرب هو الغالب والفائز في المسابقة الثقافية من أصاب في الجواب والفائز في نهاية المطاف وانتهاء الحياة الدنيا هو الفائز بالجنة فحسب ولذلك أتى بالضمير والالف واللام في الخبر ليدل على الحصر وأن غير أصحاب الجنة هم الخاسرون كما قال تعالى (إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).[4]

وهذا الامر اي عدم استواء الفريقين امر واضح لا شكّ فيه خصوصا أن الخطاب للمؤمنين فالغرض من ذكره التنبيه على أن هذا الامر مع وضوحه يغفل عنه المؤمنون او هكذا يبدو من عملهم فلزم تنبيههم على ما غفلوا عنه او تغافلوا. وانما يغفلون او يتغافلون لمتابعة الاهواء او لتسويف التوبة وتوقع طول العمر او للاعتماد على رحمة الله تعالى وعفوه او لغير ذلك مما يغتر به الانسان ويغره بذلك شياطين الجن والانس. وهذه المجموعة من الآيات كلها مواعظ للمؤمنين فامرهم اولا بالتقوى ومحاسبة النفس ثم التقوى ايضا في مقام المحاسبة ثم حذّرهم من ان يكونوا كالناسين لله تعالى فيدخلوا في صف الفاسقين وفي هذه الآية ينبههم على أن عدم التقوى وعدم رعاية حضوره تعالى اي النسيان يوجب استحقاقهم للنار ولا بد من هذا التنبيه حتى لا يغتر المؤمن بايمانه ويتوهم أنه مصون من دخول النار.

ومن الغريب أن هذا الاغترار باق عندهم حتى مع هذه المواعظ وبعض المفسرين والدعاة يزيدون الناس اغترارا حيث يقولون بان المؤمن لا يدخل النار او لا يبقى فيها مع ان الله تعالى حكم على بعضهم بالخلود كمن قتل مؤمنا متعمدا وما أكثرهم في التاريخ؟! والذي يراجع بعض التفاسير يجد بوضوح أن الموعظة البليغة الالهية لم تؤثر في قلوب بعضهم فحاولوا بالكذب والافتراء وتحريف معاني كتاب الله تعالى الدفاع عن عقائدهم الفاسدة. ففي عدة من التفاسير حول الآيات السابقة كلام طويل واحاديث موضوعة حول عدالة الصحابة وفسق من يجرح احدا منهم مع علمهم بان منهم المنافقين ومنهم من ارتكب العظائم وتسبب في قتل الآلاف من المسلمين ومنهم من تجاوز على بيت مال المسلمين وسرق منه او وزع الاموال بين قومه ومنهم من اعتدى على العترة الطاهرة عليهم السلام ومنهم من سبّ امير المؤمنين عليه السلام وبغى عليه وحاربه وجعل سبّه سنة بعده الى غير ذلك من الكبائر.

وهناك محاولات كثيرة من المفسرين لتوجيه هذه الآية بسبب هذا الاشكال فمنهم من قال ان المراد التنويه على البون الشاسع بين الفريقين. وهذا غير صحيح لان الآية لا تدل الا على عدم المساواة. ومنهم من قال ان الغرض بيان أن الذين نسوا الله من أصحاب النار. ومن الواضح أن هذا ليس هو المستفاد من الآية. ومنهم من قال ان المراد اختلاف درجات اهل الجنة واهل النار فعدم الاستواء ملاحظ في كل فريق لا بين الفريقين وهذا ايضا غير صحيح لانه تعالى ذكر ما يحصل من عدم الاستواء وهو أن الفائز من الفريقين هم اصحاب الجنة فيتبين من ذلك بوضوح ان الملحوظ عدم تساوي الفريقين. وما ذكرناه ايضا وارد في عدة من التفاسير الا أنهم لم يفسروا الصحبة بما ذكرناه من الاستحقاق والملاءمة واذا فسرنا الصحبة بالملازمة لم يصح هذا التوجيه لان عدم استواء ساكن النار وساكن الجنة من اوضح الواضحات حتى عند من ينكرهما فلا يمكن ان يكون هو المقصود.

لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ... الخشوع: الخضوع والتذلل. والتصدع: الانشقاق والانفطار. والخشية: الخوف. و(لو) للامتناع اي انا لم ننزل القرآن على جبل ولا يمكن ذلك لعدم تمكنه من اتيان التكاليف وعدم تفهمه للمعارف ولكن لو كنا ننزله عليه ونخاطبه لكان خاشعا له متذللا ولكان يتصدع ويتشقق تهيبا لكلامه تعالى ولم يكن كالانسان. والاشارة الى القرآن بـ(هذا) للتنبيه على قربه من فهم الانسان وادراكه. وهذا تمثيل لعظمة القرآن وتأثيره العجيب في الكون وتنديد بالانسان الذي نسي ربّه فلا يتأثر من كلامه تعالى فقلبه أقسى من الحجر.

وقيل انه ليس تمثيلا بل هو بيان لامر واقع لقوله تعالى (وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)[5] وعليه فالمعنى أن القرآن نزل لمخاطبة البشر ولو كان نازلا لمخاطبة الجبل لكان يخشع له واقعا مع كونه حجرا صلدا ومع ما فيه من عظمة وقوة بل كان يتصدع ويتشقق من تأثـّره بكلام ربه فما بال الانسان لا يتأثر به؟ وقد مر بعض الكلام حول سجود الاشياء والظلال وخشوع الحجر لله في تفسير قوله تعالى (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ).[6] وهذا الكلام له وجه في حد ذاته الا أن تذييل هذه الجملة بقوله تعالى (وتلك الامثال...) يدل على أن المراد بها التمثيل.

وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ... مر الكلام في معنى المثل في قوله تعالى (كمثل الذين..) وهنا ينطبق على القول الذي يصوّر حقيقة اخرى عن طريق التشبيه فالجملة السابقة تشبيه يبين قساوة قلب الانسان الناسي لربه. والله تعالى يضرب الامثال ليقرب الحقائق الى فهم الناس وليكون أبلغ تأثيرا من التصريح فيبعثهم الى التفكر و التدبر في القرآن لمعرفة حقائقه.

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ... الظاهر أن ذكر الاسماء الحسنى في هذا المقام بمناسبة حثّ المؤمن على ذكره تعالى ونهيه عن النسيان فأراد أن يذكّره بأسمائه تعالى وصفاته الحميدة ليكون حافزا له على الذكر.

وقوله (هو) يحتمل ان يكون مبتدأ والاسم الجليل خبره على أساس أن المراد بالاسم الجليل الذات الجامعة لصفات الكمال كما قيل او على أساس أن الضمير يعود الى من أنزل القرآن المذكور في الآية السابقة. ويحتمل أن يكون الضمير ضمير الشأن وما بعده مبتدأ وخبر. ولكن الذي يناسب الفهم العرفي من هذا التعبير وأمثاله هو ما قيل من أن قوله (هو) اشارة الى الذات المتقدسة و(الله) بدل منه وما بعده خبر ومثله قل هو الله احد ونحو ذلك.

والاله بمعنى المعبود فمعنى كلمة التوحيد أن لا معبود بحق الا هو فكل ما يعبد من دونه باطل. والعبادة ليست هي الطقوس الخاصة التي تختلف فيه المذاهب بل العبادة تدخل في جميع شؤون الحياة. ومغزاها أن لا يطيع الانسان الا الله تعالى. بل لا يطلب الانسان حاجة الا من الله تعالى ولا يتوجه الا اليه حتى لو كان يطلبها عن الوسائل الطبيعية لكنه يؤمن بأن الفاعل والقاضي للحاجة هو الله تعالى وحده لا يشركه شيء وهذا معنى الصمد اي الذي يصمد اليه الخلق في حاجاتهم. بل التوحيد الحق ان ينقطع اليه تعالى عن الخلق ولا يطلب في كل اعماله الا رضاه. بل الكمال الانساني ان لا يطلب في سيره وتكامله الا الله تعالى فيكون هو منتهى أمله وغاية مناه.

عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ... الغيب ما هو غائب عن الابصار وخلافه الشهادة وهما امران نسبيان كما هو واضح فما يكون غيبا لاحد قد يكون مشهودا لغيره ومعنى كونه تعالى عالما بهما انه لا غيب بالنسبة اليه فكل الكون بكل جزئياته وذراته وكل ما يقع في طول الزمان مشهود له حاضر عنده محاط بقدرته وعلمه وهو على كل شيء شهيد لا تختلف عنده الازمنة والدهور والماضي والحاضر والمستقبل ولا تخفى عليه ذرة في السماوات ولا في الارض.

هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ... مر بعض الكلام حول الوصفين قريبا في تفسير سورة الرحمن.

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ... مر الكلام في هذه الجملة. والتكرار للتأكيد على التوحيد فانه الاصل في الدين. وكل ما يراد تثبيته في الافكار ويراد الحثّ على أن تكون اعمال الناس ايضا متأثرة به لا بد فيه من التكرار ليتعمّق في النفوس.

الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ... (الملك) صفة مشبهة من الملك ــ بضم الميم ــ وهو السلطة. وهي قد تكون اعتبارية متقومة بالقانون الوضعي او بارادة الشعب او بالقوة العسكرية او غير ذلك وليس أمرا واقعيا فالملك او الامير او رئيس الجمهورية او نحو ذلك لا يتغير في واقع الامر بعد اعتباره ملكا او حاكما وانما يتغير الشأن الاعتباري. وقد تكون حقيقية لا تتقوم باعتبار معتبر بمعنى أنه بارادته يتحكم في الاشياء وهذه السلطة موجودة في البشر ايضا بصورة محدودة فالانسان يتحكم في الطبيعة بما يسمح له قانون الطبيعة. وربما يتحكم في بعض الامور بصورة غير طبيعية ايضا كاعجاز الانبياء وكرامات الاولياء بل ربما يحصل بعض القوى لبعض الناس بطريقة ملتوية في الطبيعة كتصرفات المرتاضين.

والسلطة المطلقة على الكون لله تعالى فهو الملك على الاطلاق فحسب والكون اعظم بكثير من الكون المادي الذي نراه اما بالعين او بالاجهزة او نعلم به بالمحاسبة وان لم نعلم حدوده. وله السلطة على كل شيء فلا يمكن لشيء أن يتخلف عن ارادته وليس ذلك خوفا من عقابه بل لا يمكنه التخلف ولذلك قال تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ).[7] ويلاحظ أن قوله تعالى (طائعين) جمع وليس مثنى مع ان مرجع الضمير السماء والارض ولذلك قال (قالتا) ولعل ذلك لان السماء والارض تعبير عن كل الكون فالارض بمعنى عالم الطبيعة والسماء بمعنى ماوراءها او المراد الكون المادي فالارض ارضنا والسماء كل ما نراه فوقنا وحولنا فكل اجزاء الطبيعة تستجيب له طواعية. بل الاشياء كلها متعلقة في وجودها وكيانها بارادته تعالى وليس معنى ذلك أنه اذا أراد فناءها فسوف تفنى وتنعدم بل اذا لم يرد وجودها ولم يبعث لها الكيان والوجود فلا يبقى شيء ولا يبقى منها اثر فالوجود متقوم بارادته تعالى.

وهو الملك بقول مطلق في التكوين والتشريع فيتصرف في الكون كيف يشاء وتجب اطاعته اطاعة مطلقة دون غيره الا من امر باطاعته وسلطته التشريعية ايضا سلطة حقيقية ليست بجعل جاعل او اعتبار معتبر فان السر في وجوب اطاعته تعالى أنه هو المنعم فيجب شكره أو أنه هو القاهر فيخاف ويحذر من مخالفته والعقل يحكم بوجوب دفع الضرر.    

و(القدوس) صيغة المبالغة من القداسة اي النزاهة فهو تعالى منزه عن كل نقص وحاجة. ولعل مناسبة ذكره بعد الملك الدلالة على ان عموم سلطته وقدرته لا يستلزم ان يصدر منه تعالى ما ينافي العدل والحكمة فهو منزه عن كل نقص والظلم لا يكون الا عن نقص.

و(السلام) مصدر بمعنى السلامة اي التعري من الآفات والعاهات واطلاقه على الذات من باب المبالغة وتوصيفه تعالى به اما لكونه منزها من اي نقص ايضا واما لان منه السلام والامان في الدنيا والآخرة. وفي الميزان (السلام من يلاقيك بالسلام والعافية من غير شر وضر) وفي المجمع الذي سلم عباده من ظلمه. وهذا الوصف ايضا يناسب التوصيف بالسلطة المطلقة ليشعر الانسان بأن هذه السلطة منها الامان والسلام التام الشامل وليست كالسلطات الجائرة التي يخاف الناس من جورها وعدوانها.

و(المؤمن) الأمن في الاصل بمعنى الطمأنينة والمؤمن هو الذي يحققها فان حققها بالنسبة لنفسه تجاه اي معتقد فهو مؤمن به وبهذا المعنى يطلق على المؤمنين واذا حققها لغيره فهو المؤمّن له والايمان هنا يكون متعديا الى الغير وبهذا المعنى يوصف الله تعالى بالمؤمن اي الواهب للامن. والانسان يشعر بالامن الكامل والطمأنينة والاستقرار اذا رأى نفسه مستظلا بظله تعالى ولاجئا الى كنفه. ومن هذا الباب توصيف الانسان بالمؤمن اذا أعطى الامان لعدوه او كل من يخافه. وهذا الوصف ايضا يتبع التوصيف بالسلطان المطلق. وفي المجمع الذي أمن خلقه من ظلمه. وقيل الواهب للايمان وقيل غير ذلك.

و(المهيمن) اختلفوا في اصله ومعناه. فقيل ان اصله من أمن اُبدلت الهمزة هاءا كما في هراق وقيل انه هاء في الاصل وحكي له معان مختلفة من كبار اهل اللغة وقدماء المفسرين ونحن نعتمد على ما حكي عن الخليل وأنه بمعنى الرقيب فالمهيمن هو المراقب للشيء اي الحافظ له عن سلطة عليه. وربما أتى بمعنى الرقابة فقط كقوله تعالى (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)[8]  فان المراد به هنا مراقبة النسخ الباقية من الكتب السابقة وتصحيح ما ورد فيها من تحريف.

ومثله توصيفه تعالى بالمقيت قال تعالى (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا)[9] اي رقيبا وحافظا وشهيدا. وهذا الوصف يحكي عن سلطته تعالى وكذلك ما بعده هنا من الاوصاف فكلها تحكي عن السلطة والقوة بخلاف ما قبلها حيث تحكي عن رحمته تعالى وسلامه وامانه. ولعل تعقيب السلامة والامان بهذه الاوصاف لدفع توهم انه تعالى يغفل او يتغافل عن تصرفات عباده فاريد بذلك تنبيه الانسان على انه تعالى بالرغم من سعة رحمته ولطفه وعنايته وانه يهب السلامة والامان الا انه المهيمن على اعمالهم صغيرها وكبيرها وأنه هو العزيز والجبار والمتكبر.

و(العزيز) مر مرارا أنه مأخوذ من العزة بمعنى الشدة والصلابة وان منه الارض العزاز اي الصلب فالمراد به من لا يؤثر فيه شيء ولا يغلبه شيء ولا يمنع من تحقق ارادته شيء.

و(الجبّار) قال ابن فارس ان معناه العظمة والعلوّ ومنه نخلة جبّارة وفرس جبّار. وفي المفردات ان اصله اصلاح بقهر فكأنه اراد الجمع بين جبر الكسير وقهر الشيء على ما يريد. ومهما كان أصله فتوصيفه تعالى به اما لانه متعال بعيد المنال او لانه يقهر الاشياء بارادته فلا يقاوم ارادته شيء ويخضع كل شيء لارادته وهو المعنى المناسب للسياق كما بيناه. وهذه الصفة فيه تعالى مدح وفي غيره ذمّ اذ لا يجوز لاحد من الخلق أن يقهر غيره على ما يريد. وقيل معناه انه يصلح الاشياء ويجبرها وهو بعيد.

و(المتكبّر) اي الذي تفرّد بالكبرياء وتخصص به كما ذكره ابن الاثير. وقد فسّره المفسرون غالبا بأنه البليغ في الكبرياء والعظمة لان صيغة التفعل يدل على التكلف وأنه تلبس ما ليس له ولذلك يعتبر التكبر من غيره تعالى ذمّا لانه يتلبس بالكبرياء ولا يحق له فأولوا الصيغة هنا بان معناها الغاية في الكبر وما ذكره ابن الاثير اولى.

سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ... تنزيه له سبحانه عما يصفه به الواصفون حيث يشركونه مع غيره في الصفات فيصفونه بصفات خلقه. او تنزيه له عن اشراكهم غيره في صفاته تعالى فيدعون لغيره التأثير والقهر والغلبة. وهذا الاشراك ربما لا يظهر في الاقوال ولكنه كامن في الافكار والعقائد. وكل ذلك يعود الى الجهل بصفاته تعالى وتصور أن ما في غيره يشبه ما فيه فلزم تنزيهه تعالى عن التصورات الساذجة في اوصافه. و(سبحان) اسم مصدر يقوم مقامه ويكون مفعولا مطلقا يغني عن الفعل فكأنه قال أسبح سبحان الله.

هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ... قيل: الخلق في الاصل التقدير ويمكن ان يكون المراد الايجاد عن تقدير. وقيل انه الايجاد بلا احتذاء مثال. ولكنه بعيد لقوله تعالى في حكاية كلام عيسى عليه السلام (أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ...)[10]  ولكن مع أنه لا يختص في الاصل بذلك الا انه لا يبعد بمقتضى السياق أن يكون المراد به هنا خصوص ايجاد السماوات والارض اي الكون بكامله وهو بالطبع خلق من العدم ليصح تخصيص ما بعده بنوع آخر من الخلق يناسب اللفظ.  

و(البارئ) فسر في كتب اللغة بالخلق ايضا وفي الكشاف (المميز لما يوجده بعضه من بعض بالأشكال المختلفة) والظاهر أنه أخذ هذا المعنى من البري بمعنى القطع باعتبار أنهما من واد واحد وعليه فالمراد به خلق كل موجود بعينه مميزا عن غيره بخلاف الخلق فانه ايجاد كل الكون. ولعل ذكر هذا الوصف لدفع توهم أن الله تعالى خالق اصل الكون بصورة اجمالية واما التفاصيل والجزئيات فليست من صنعه فهناك من يسند صنعها الى ارباب اخرى وهناك من يسنده الى القوانين الطبيعية التي جعلها الله تعالى في الكون او اختارها كما قيل.

و(المصوّر) بمعنى موجد الصور فان الاجسام مركبة من مادة وصورة. فمادة الخشب مثلا يمكن ان يصنع منها سرير او طاولة او غيرهما. ولعل ذكر هذا الوصف لدفع توهم أن مواد الكون والطبيعة من الله تعالى دون الصور التي قد يصنعها الانسان ايضا. فالآية الكريمة ترد على هذا التوهم بأن كل ذلك من الله تعالى ولا شك ان الصور الطبيعية من خلقه ولكن حيث ان كل ما هو موجود يستمد وجوده منه تعالى حتى لو صنعه في الظاهر صانع آخر فالصور التي يصنعها الانسان ايضا من خلقه تعالى.

لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى... الحسنى مؤنث الاحسن والاسماء تفيد العموم فمعناه أن احسن الاسماء كلها لله تعالى فحسب لا يشاركه فيها أحد والحصر يستفاد من تقديم الجار والمجرور. فما معنى ذلك؟ مع أن هناك اسماء حسنة تطلق على غيره فقط او تطلق عليه وعلى غيره. وما هو معنى الحسن؟

حاول المفسرون دفع الاشكال بأن اللام في الاسماء للعهد الذهني فيراد بها خصوص الاسماء التسعة والتسعين التي وردت في بعض الروايات وحصرت اسماء الله تعالى فيها. ولكن لا دليل على كون اللام للعهد ولم ترد في القرآن آية تدل على انحصار الاسماء في تلك الاسماء والروايات ضعيفة مع انها ايضا لا تدل على الحصر مضافا الى أن الاسماء الواردة في القرآن الكريم أكثر منها حتى عدّها العلامة رحمه الله فتجاوز المائة والعشرين.

الصحيح أن الاسماء يقصد بها ما تنبئ عن الصفات وحسنها من حسن الصفات وحيث ان الله تعالى جامع لجميع صفات الكمال والجمال فكل تلك الصفات بالنحو الكامل منحصرة فيه تعالى لا يشاركه فيها أحد بل ليس لاحد من نفسه اي كمال الا ما وهبه الله له والهبة هنا ليست تمليكا فان وجود الاشياء متقوم به تعالى وبارادته فكيف بالتحلي بالصفات فالقوة لله جميعا والعزة لله جميعا والعلم لا يناله احد الا بما شاء الله تعالى وهكذا فكل صفة حسنة تدل على كمال او جمال خاصة به تعالى حقيقة ويحملها غيره باذن منه بالمقدار الذي يودع فيه وهو الذي يملكه ويملك حسنه وكماله وجماله.

يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... تكرار لما جاء في اول السورة ليعيد الى الاذهان التسبيح المستمر في الكون تكوينا وانشاءا.

وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ... تأكيد مرة اخرى على عزته تعالى فلا يؤثر فيه شيء ولا يحتاج الى تسبيح المسبحين ولا تؤثر فيه دعوة الداعين ولا ذكر الذاكرين ولا تنفعه عبادة العابدين. الا أنه لحكمته غير المتناهية لا يترك شيئا من ذلك الا ويرتب عليه الاثر فيجيب دعوة الداعين ويسمع ذكر الذاكرين وحمد الحامدين ويثيب على عبادة العابدين.

والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا وسبحان الله بكرة واصيلا والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى واله الطاهرين.

 


[1] النور: 41

[2] الاعراف: 46

[3] الاحزاب: 41

[4] الزمر: 15

[5] البقرة: 74

[6] الرحمن:

[7] فصلت: 11

[8] المائدة: 48

[9] النساء: 85

[10] ال عمران: 49