مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

جدل التكفير لا ينتهي

 

هذا المقال جاء رداعلى بعض المتطرفين حيث نشر في بعض الصحف مقالا يظهر فيه موادته للشيعة ثم نشر مقالا آخر يظهر فيه ان كل ما يلتزم به الشيعة شرك وكفر!!!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جدل التكفير لا ينتهي

 

دأب المتطرفون من الشيعة و السنة – مع الاسف الشديد – على تكفير الفريق الآخر و كلما حاول الحكماء من الفريقين اخماد نار الفتنة طلع قرن الشيطان من صوب آخر و بنمط آخر و لا يختص الامر بفريق واحد فهناك متطرفون من الشيعة ايضا يكفرون الفريق الآخر و لهم ادلتهم و لو كان في القلب شيء لاظهرت الحب و الحنان في مقال لاثنيه بمقال آخر اسرد فيه ادلة التكفير و ان كنت رافضا لها و هناك من يسرد ادلة تكفير الشيعة و ينشره في الصحف و هو لا يرفضها و هذا نمط جديد من التكفير و لو لم تكن الاثارة هي الهدف لاكتفى الكاتب بما دار بينه و بين زملائه النواب و ما ذكره هناك من وجوه الدفاع عن المناهج التكفيرية في الكتب الدراسية التي لا تنحصر فيما ذكره النواب الشيعة و لا نجد مبررا لعرض ذلك في الصحافة الا اذا كان الغرض هو الاثارة و لو كان الغرض هو البحث العلمي لاكتفى الباحث بمطالعة الكتب و المقالات المتكررة طيلة القرون فما ذكره من الوجوه ليس دليلا علميا جديدا و قد اجاب عنها علماء الشيعة و السنة عشرات المرات ان لم يكن بالمئات و من الغريب ان الخصوم لا يردون على الاجابات و انما يكررون ما ذكره اسلافهم و هكذا لا ينتهي الجدل و لا تتوقف الدوامة . و المطلوب على صعيد الصحف و الاعلام و الكتب الدراسية هو السكوت عن البحث في ما يمس سائر فرق المسلمين . و كان الاجدر بالملتقيات الفكرية التي تندد بالتكفير و تبحث عن الوحدة بين المذاهب ان تركز على تحديد الاسلام و ضرورياته ليتبين بحق انه لا ينبغي اعتبار اي فريق من المسلمين خارجا عن ربقة الاسلام و الا فما دام كل من هب و دب و راجع بعض الكتب يعلن في الصحف ان زيارة القبور و التوسل باولياء الله تعالى و تقبيل الاضرحة و الكعبة المعظمة شرك و خروج عن الدين و ينافي التوحيد فلا فائدة في منع التكفير و للطرف الآخر ايضا وجوه يكفر بها هذا الفريق لا نذكرها لئلا نشارك في الاثارة . فالوجه الصحيح في البحث ان يتبين هل التوحيد ينافي تقبيل الكعبة مثلا ؟ لا نريد اكثر من ذلك . و قد رايت في بعض مواقع المكفرين صورة لاحد مراجع الشيعة و هو يقبل احد الاضرحة و قد كتب تحته ( انظروا الى التوحيد ) او ما في معناه . فهل في هذا شيء ينافي التوحيد؟! و ما يعني تقبيل الضريح الا اظهار الود لاهل البيت وهو اجر الرسالة المجيدة ؟! و مما ورد في المقال المنظور ان من الشرك النذر لغير الله تعالى او الذبح لغيره او دعاء غيره و استدل على ذلك بان الميت لا يسمع . و هذه مغالطة مكررة طيلة القرون فيا ترى هل هناك من الشيعة من ينذر لغير الله تعالى و هل هناك من يذبح منهم و يذكر اسم غير الله على الذبيحة . الى متى هذه التهم الجوفاء ؟! و هل من الشرك ان يذبح باسمه تعالى و يوزع اللحم و يهدي ثوابه لامام او اي شخص آخر ؟! و اما ان الميت لا يسمع فالله تعالى يعتبر الشهداء احياء عند ربهم يرزقون و الرسول صلى الله عليه واله و سلم و الائمة الطاهرون عليهم السلام اكرم على الله منهم . بل ان الموتى كلهم يسمعون حسب حديث قليب بدر حيث نادى الرسول صلى الله عليه و اله وسلم قتلى المشركين فاستغرب الاصحاب ذلك فقال لهم : ما انتم باسمع منهم... و لو فرض ان الميت لا يسمع فمخاطبته امر باطل و لكن لا علاقة له بالتوحيد . والشرك ان تدعو احدا من دون الله تعالى و معنى من دون الله ان تدعوه بدلا من ان تدعو الله و لا يكون ذلك الا في من تعتبره مؤثرا في الكون مستقلا و اما اذا دعوت احدا و انت تؤمن بانه لا يؤثر شيئا الا بارادته و اذنه تعالى فليس من الشرك بل هو عين التوحيد و لا يمكن انكار تاثير العوامل الطبيعية و غيرها و انما الفاصل بين الشرك و التوحيد هو اعتقاد ان المؤثر في الكون هو الله و لا يؤثر فيه غيره الا باذنه و لو كان دعاء الميت شركا لكان دعاء الحي شركا ايضا اذ لافرق بينهما من هذه الجهة و لا شك ان الانسان يطلب من غيره العون و المساعدة . و على كل حال فالمهم على صعيد الصحف و الاعلام ترك البحث و تقبل ما توصل اليه الطرف الآخر كعذر في فهمه للتوحيد و مستلزماته . و الله ولي التوفيق