مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

الايمان بالامام المهدي عليه السلام

 

    (توضيح)

     بعد انتشار المقال (دفع اباطيل الكاتب) في عدة مواقع كشبكة رافد وغيرها كتب الكاتب في موقع هجر تساؤلا (هل يؤمن السيد مرتضى المهري بالامام الثاني عشر؟) ثم شكك في ذلك على اساس ان المقال لم يتعرض لاثبات الامام المهدي عليه السلام فكتبت هذا الجواب وارسلته الى الموقع المذكور

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

نعم! أؤمن بوجود الامام الثاني عشر (عليه السلام)

 

     الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم ومنكري فضائلهم أجمعين من الأولين والآخرين.

 

      لقد تعجل الكاتب في تعليقه ، فقد ذكرت في تلك الاوراق أن أسلوبي في الرد هو ملاحقة الكاتب فيما كتبه فقرة فقرة . و لقد حال بيني وبين الاستمرار مشاكل شخصية لا زالت مستمرة ، مضافا إلى انشغالي الدائم بالاجابة على أسئلة المكتب . و كأنه تفطن لذلك ، فذكر في آخر كلامه أنه لا يقبل من أحد الاعتذار عن الاجابة بالانشغال ببحث الامور الفرعية . ولكن هذه الأسئلة لا تختص بالامور الفرعية بل كثير منها عقائدية مع ملاحظة كثرة المشاغبين الذين يتلاعبون بالعقائد الحقة من التوحيد و النبوة و الامامة و ما يتفرع من كل منها وقلة من يتصدى للإجابة. و االكاتب يظن انه وحده على الساحة او ان ما يقوله لابد ان ينال سهما اكبر من الاهتمام لانه حصيلة اتعابه! 

 

      و الخلاصة ان ما انتشر على شبكة رافد تحت عنوان ( دفع أباطيل الكاتب) كان شروعا في البحث ولم أسكت عن سائر ما كتبه سكوت رضا أو عجز كما يظنه . و لكن الذي تغافل عنه الكاتب في تعليقه أن هذه المجموعة كانت تشتمل على عدة موارد مما افترى فيه على المؤلفين و الأعلام مما أثار لدينا سؤالا و هو أن الرجل بهذا التخبط يبحث عن أي شيء ؟ هل يبحث عن دليل يدعم به مذهبه كما يصنعه كثير من الباحثين للذب عن عقائد اسلافهم ؟ و الجواب هو النفي طبعاً . فماذا يريد من هذه الأكاذيب ؟ 

 

      فلو كان باحثا عن الحق و وصل الى نتيجه غير ما نعتقد ، لاستحق الإعجاب و ان كان مخطئا في الاستنتاج او المقدمات . و لكن المؤسف و الغريب انه يفتري ليهدم مذهبه التقليدي فلا بد من حافز يدعوه إلى ذلك . فيا ترى ما هو ؟ 

      اذن فهذه المقدمة المنشورة على اختصارها كانت كافية في اثبات أن الكاتب ليس أميناُ في بحثه و لا صادقا في دعواه وأن البحث لم يجره إلى هذه النتيجة المعلنة و انما كانت هذه نتيجة مسبقة حاول بالتخبط و التشبث بكل حشيش اثباتها و هذا هو الذي دعاني للاستعجال في نشر هذا المقدار من الملاحقة . و بهذا أكتفي في الرد على ما ذكره في تعليقه من اني لم أتوقف لأناقشه في الأسئلة التي طرحها . و سأناقشه ان شاء الله تعالى . 

 

      و أما السؤال الذي تعجل في طرحه و هو اني هل أؤمن بوجود الإمام الثاني عشر فالجواب : نعم ! أنا أؤمن به بكل طمانينة و قناعة و أدعو كل صباح و مساء أن يجعلني الله من أنصاره و أعوانه و المستشهدين بين يديه و اطاطئ رأسي كلما ذكرته أو سمعت ذكره اجلالاً له واعظاماً كما كان الأئمة الطاهرون (عليهم السلام) يعظمونه حين سماع اسمه حسب الروايات . وقد باهى به النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله وسلم ) في أكثر من موقف و هنأ سيدة النساء فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بأنه من نسلها . راجع معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) . 

 

      و ايماني به من ايماني بالغيب . قال سبحانه و تعالى : (الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة ...) و ليس المراد بالغيب ـ و الله أعلم ـ غيب خاص و انما امتدح الله سبحانه و تعالى المؤمن بأنه لا يقتصر في ايمانه على ما يراه ويشعر به و يحسه بل يؤمن بما لا يمكن أن يرى فيؤمن بالله سبحانه و يؤمن باليوم الآخر و بالملائكة بخلاف الملحدين أو المنكرين ليوم القيامة فانهم يأبون الايمان  بما لا يحسونه و لا يرونه بالعين أو تحت المجاهر و الله تعالى يؤنبهم على ذلك و أنهم ينكرون أمرا من دون علم . و انكار الامام المهدي من هذا القبيل اذ من الصعب ان يؤتى بدليل حسي أو سند تاريخي قطعي على وجود من كان أبوه و أهل بيته يحاولون إخفاءه و الله سبحانه و تعالى شاء ان يغيبه عن انظار الناس . فموجود كهذا لا يتوقف الاستدلال عليه على الحس تماما كوجود الملائكة و اليوم الآخر و انما يعلم ذلك بأخبار السماء و اعلام الرسل . نعم من لا يؤمن بالأحاديث الغيبية لا محيص له من الانكار . و هذا ما يشاهد في موارد من كتاب الكاتب .  و أما نحن فيكفينا في ذلك اخبار الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم ) و الأئمة الأطهار (ع) بوجوده . 

 

      أما أصل وجود المهدي فقد تكاثر النقل عن الرسول ( صلى الله عليه و آله وسلم ) حوله حتى كان من الواضحات لدى الأمة الاسلامية جمعاء . ولذلك كثرت دعوى المهدوية طيلة  التاريخ الاسلامي ولم يسع مناوئينــا أن ينكروا اصل بشارات النبي ( صلى الله عليه و آله وسلم ) بذلك . و قد وفقت مؤسسة المعارف الاسلامية التي انشأها العلامة الوالد ( رحمه الله ) و بجهود جمع من الأفاضل باشراف العلامة الشيخ علي الكوراني ( حفظه الله ) في جمع كل الأحاديث المتعلقة بالامام المهدي ( عليه السلام ) في خمس مجلدات تحت عنوان (معجم أحاديث الامام المهدي (ع) ) وبلغت أحاديث الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم ) مجلدين و قد ألف علماء السنة و الشيعة في ذلك كتباً كثيرة . و عليه فانكار ذلك ينشأ من انكار الرسالة و استغراب أن يخبر بشر عن الغيب ، تماما كما كان يقوله الكافرون بالرسالات في كل عصر و جيل . 

 

      و اما أن المهدي هو ابن الامام الحسن العسكري (عليه السلام ) فهذا من المسلمات لدى الشيعة ، توارثوا نقله جيلاً بعد جيل عن ائمتهم (عليهم السلام ) لا يرتاب في ذلك من يؤمن بأخبار الأئمة و يعتقد أنهم يستقون علمهم من الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله وسلم ) فلو لم يكن ذلك في الأخبار الصريحة كفى هذا الاجماع الموروث من الأجيال السالفة . ونظير ذلك وضوح أن الكتاب المنزل من الله سبحانه و تعالى على الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله وسلم ) هو هذا المصحف الموروث جيلاً بعد جيل حافظ عليه المسلمون بشتى مذاهبهم و لا يؤثر في هذا العلم القطعي الناشئ من هذا الاجماع الموروث ، كل محاولات القول بالتحريف و   التبديل سواء في روايات السنة أو الشيعة . ولذلك لا يرتاب مسلم في ان المصحف الذي بأيدينا هوالقرآن المنزل على الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله وسلم ) و لا يابه أحد منهم بهذه الدعاوى الفارغة حتى أصحاب الدعوى بأنفسهم  .

 

      هذا مع أن الأخبار التي تصرح بأسماء الأئمة كلهم و بخصوص أن الامام المهدي هو ابن الامام الحسن العسكري (ع) بتعابير مختلفة ، كثيرة جدا لا يمكن انكارها و انكار تواتر نقلها عن الأئمة (ع) ـ لو فرض التشكيك في ما عن الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم ) في كتب العامة ـ ويبقى بيننا و بين الكاتب حجية قول الأئمة (ع) فلو لم يكن قائلا بعصمتهم ـ كما هو واضح ـ فلا أقل من الوثوق بنقلهم . و أحيل المراجع إلى الكتاب المذكور آنفاً ( معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) ) . 

      و إليك نماذج من هذه الروايات و ننقلها من الكتاب المذكور لورود المصادر المختلفة فيه :

 

    1-  عن كتاب الغيبة للفضل بن شاذان عن أمير المؤمنين (ع) : (( ..... ثم يظهر أمير الأمرة وقاتل الكفرة السلطان المأمول الذي تحير في غيبته العقول و هو التاسع من ولدك يا حسين ....)) ج3 ص 23 .

 

    2-  عن كتاب كمال الدين للصدوق عنه عليه السلام (( ......ذاك الفقيد الطريد الشريد محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين . هذا ووضع يده على راس الحسين عليه السلام )) . ج 3 ص 43 . 

 

    3- عن كتاب العدد القوية عنه عليه السلام : (( الحادي عشر من ولدي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً و ظلماً )) ج 3 ص 44 .

 

    4-  وعن مروج المذهب للمسعودي و تذكرة الخواص لابن الجوزي عن أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً خطبة مفصلة في فضل النبي و آله صلوات الله عليهم أجمعين وفي آخره : (( و بمهديّنا تنقطع الحجج خاتمة الأئمة و منقذ الأمة ... )) ج 3 ص 54 .

 

    5- عن الكافي و اثبات الوصية وغيبة النعماني و كمال الدين و الاختصاص و غيبة الطوسي و غيرها من الكتب القديمة قول أمر المؤمنين عليه السلام : (( ..... و لكني فكرت في مولود يكون من ظهري الحادي عشر من ولدي هو المهدي الذي يملأ الأرض عدلاً و قسطاً كما ملئت جوراً وظلماً تكون له غيبة و حيرة يضل فيها اقوام ويهتدي فيها آخرون ....)) ج 3 ص 61 . 

 

     6- عن رسائل المفيد قوله : (( هذا الخبر الذي روته العامة و الخاصة وهو خبر كميل بن زياد .... التاسع من ولد الحسين عليه السلام هو الذي يملأ الأرض قسطاُ وعدلاً ... يكون له غيبة يرتاب فيها المبطلون يا كميل بن زياد لا بد له من حجة اما ظاهر مشهور شخصه و اما باطن مغمور لكيلا تبطل حجج الله .....ج 3 ص 62 .

 

    7- عن كمال الدين قول أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً : (( التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق المظهر للدين و الباسط للعدل قال الحسين فقلت له يا أمير المؤمنين و ان ذلك لكائن فقال عليه السلام اي و الذي بعث محمداً (صلى الله عليه و آله وسلم ) بالنبوة و اصطفاه على جميع البرية ولكن بعد غيبة وحيرة فلا يثبت فيها على دينه المخلصون المباشرون لروح اليقين الذين اخذ الله عزوجل سيئاتهم بولايتنا و كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه )) ج3 ص 66 .

 

    8- و في حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام روته السنه و الشيعة حول الدجال و ما يحدث في آخر الزمان ورد في آخره : (( ثم قال عليه السلام لا تسألوا عما يكون بعد هذا فانه عهد عهده إليّ حبيبي رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم ) أن لا أخبر به غير عترتي قال النزال بن سبرة ( و هو راوي الحديث ) فقلت لصعصعة بن صوحان يا صعصعة ما عنى أمير المؤمنين بهذا فقال صعصعة : يا ابن سبرة ان الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم عليه السلام هو الثاني عشر من العترة التاسع من ولد الحسين بن علي عليه السلام و هو الشمس الطالعة من مغربها ....)) ج3 ص 133 . و الحديث مروي عن كمال الدين و الخرائج و مختصر بصائر الدرجات . و رواه من السنة ابن المنادي في ملاحمه والداني  في سننه و المقدسي الشافعي في عقد الدرر .

             

    9- ما رواه فضل بن شاذان في مختصر اثبات الرجعة و الصدوق في كمال الدين بسند معتبر رجاله من المشاهير الثقات : (( سئل امير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم ) اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي ؛ مَن العترة ؟ فقال عليه السلام : أنا و الحسن والحسين و الأئمة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم لا يفارقون كتاب الله و لا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم ) حوضه )) ج3 ص 149 . 

 

    10 - الحديث المشهور عن امير المؤمنين عليه السلام في جواب سليم بن قيس الهلالي الذي هو من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام حول اختلاف الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه و آله وسلم ) حيث بيّن الامام عليه السلام وجوه الاختلاف وهو من أعيان الأحاديث و متنه من أقوى المتون و الحديث مروي في كتاب سليم الذي هو أقدم كتب الشيعة بل الظاهر انه أقدم كتاب حديث في الاسلام و في تفسير العياشي و المسترشد و كمال الدين و الخصال باختلاف يسير و نحن ننقل من كتاب سليم على ما في المعجم . ففي ذيل الحديث يروي الامام عن الرسول (صلى الله عليه و آله وسلم ) قوله : ( وقد أخبرني الله أنه قد استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك قلت يا نبي الله و من شركائي قال : الذين قرنهم الله بنفسه و بي معه ، الذين قال في حقهم يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول قلت يا نبي الله و من ( هنا سقط و الظاهر كما في تفسير العياشي أنه هكذا و من هم شركائي من بعدي ..... فقال : ( الأوصياء الى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد لا يضرهم كيد من كادهم و لا خذلان من خذلهم هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم بهم ينصر الله أمتي وبهم يمطرون و يدفع عنهم بمستجاب دعوتهم فقلت : يا رسول الله سمّهم لي فقال : ابني هذا و وضع يده على رأس الحسن ثم ابني هذا و و ضع يده على رأس الحسين ثم ابن ابني هذا و وضع يده على رأس الحسين ثم ابن له على اسمي ، اسمه محمدٌ ، باقر علمي و خازن وحي الله و سيولد علي في حياتك يا أخي فاقرأه مني السلام ثم أقبل على الحسين فقال سيولد لك محمد بن علي في حياتك فاقرأه مني السلام ثم تكملة الاثني عشر اماماُ من ولدك يا أخي فقلت يا نبي الله سمّهم لي فسماهم لي رجلاً رجلاً منهم و الله ـ يا أخا بني هلال  ـ مهدي هذه  الأمة .....) و في تفسير العياشي : ( ثم تكملة الاثني عشر اماماُ من ولد محمد ....) ج 3 ص 152 .

 

    11- حديث الامام الحسن عليه السلام المروي في كمال الدين و غيره و فيه .... ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الإماء يطيل الله عمره في غيبته ....) ج 3 ص 165 .

 

    12- حديثه عليه السلام أيضاً و هو قوله : الأئمة بعد رسول الله اثنا عشر تسعة من صلب أخي الحسين و منهم مهدي هذه الأمة . ج3 ص 171 .

 

    13-  الحديث المروي في محاسن البرقي و تفسير القمي و الكافي و تفسير النعمائي و اثبات الوصية و غيبة النعماني و كمال الدين وغيبة الطوسي وغيرها من الكتب المعتبرة و سند الحديث صحيح معتبر وفيه خطاب خضر لأمير المؤمنين عليه السلام يشهد بإمامة الأئمة الأثنى عشر و يسميهم واحداُ واحداُ حتى يقول : ( و أشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بالأمربعد علي بن محمد و أشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى و لا يسمى ....) ج 3 ص 174 .

 

    14-  حديث الامام الحسين عليه السلام المروي في كمال الدين وغيره : (( قائم هذه الامة التاسع من ولدي وهو صاحب الغيبة ....)) ج3 ص 179 .

 

    15- قوله عليه السلام : (( في التاسع من ولدي سنة من يوسف و سنة من موسى بن عمران عليهما السلام و هو قائمنا أهل البيت يصلح الله تبارك و تعالى أمره في ليلة واحدة )) و هو أيضاً مروي في كمال الدين و اعلام الورى و غيرها ج3 ص 180 .

 

    16-  حديثه عليه السلام المروي في اثبات الرجعة للفضل بن شاذان ( وهو من أصحاب الرضا عليه السلام ) : (( يظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين فقيل له يا ابن رسول الله من قائمكم؟ قال : السابع من ولد ابني محمد بن علي و هو الحجة بن الحسن بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابني و هو الذي يغيب مدة طويلة ثم يظهر و يملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً  و ظلماً )) ج3 ص 181 .

  

    17-  و حديثه عليه السلام أيضاً : ( منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و آخرهم التاسع من ولدي وهو القائم بالحق يحيي الله به الأرض بعد موتها و يظهر به دين الحق على الدين كله و لو كره المشركون . له غيبة يرتد فيها أقوام و يثبت فيها على الدين آخرون فيؤذون و يقال لهم : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين أما ان الصابر في غيبته على الأذى و التكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه و آله وسلم ) . روي في كمال الدين و عيون أخبار الرضا و كفاية الأثر و مقتضب الأثر و اعلام الورى و غيرها . ج3 ص 184 .

 

    18- حديثه عليه السلام في جواب الأعرابي (( ..... ان الامام و الخليفة بعد رســول الله ( صلى الله عليه و آله وسلم )  أمير المؤمنين علي عليه السلام و الحسن وانا و تسعة من ولدي منهم علي ابني وبعده محمد ابنه وبعده جعفر ابنه وبعده موسى ابنه و بعده علي ابنه  وبعده محمد ابنه وبعده علي ابنه وبعده الحسن ابنه وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان )) و الحديث مروي في كفاية الأثر وغيرها . ج3 ص 186 .

 

    19-  حديث الامام الباقر عليه السلام المروي في كفاية الاثر : (( .... ان قائمنا هو السابع من ولدي و ليس هو اوان ظهوره ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه قال قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله وسلم ) : ان الأئمة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل تسعة من صلب الحسين و التاسع قائمهم يخرج في آخر الزمان فيملؤها عدلا كما ملئت جوراً و ظلماً )) ج3 ص 263 

 

    20- حديث الامام الصادق عليه السلام المروي في غيبة النعمائي و كمال الدين و اثبات الوصية و كفاية الاثر و غيبة الطوسي و غيرها : (( اذا توالت ثلاثة أسماء محمد و علي والحسن كان رابعهم قائمهم )) ج3 ص 349 .

 

    21- حديثه عليه السلام المروي في كمال الدين و أعلام الورى و غيرهما : (( يا مفضل الامام من بعدي ابني موسى و الخلف المأمول المنتظر محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى )) . ج3 ص 350 .

 

       22- حديثه عليه السلام المروي فيهما أيضاً و غيرهما : (( ان الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و  آخرهم القائم بالحق ....)) ج3 ص 361

 

      23- قوله عليه السلام : (( من أقر بجميع الأئمة و جحد  المهدي كان كمن أقر بجميع الأنبياء و جحد محمداُ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) نبوته فقيل له : يا ابن رسول الله فمن المهدي من ولدك قال : الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه و لا يحل لكم تسميته )) ج3 ص 366 .

 

      24- قوله عليه السلام : (( .... هو الخامس من ولد ابني موسى ذلك ابن سيدة الإماء يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون .....)) ج3 ص 393 .

 

      25- قوله عليه السلام : (( ...... ان قائمنا يخرج من صلب الحسن والحسن يخرج من صلب علي وعلي يخرج من صلب محمد و محمد يخرج من صلب علي و علي يخرج من صلب ابني هذا و أشار إلى موسى عليه السلام ....)) ج3 ص 407 .

 

      26- رواية الامام الكاظم عليه السلام المروية في الكافي و غيبة النعمائي و اثبات الوصية و كمال الدين و علل الشرايع و كفاية الاثر و دلائل الامامة و غيبة الطوسي و اعلام الورى وغيرها حيث قال عليه السلام : (( اذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلكم عنها أحد يا بنيّ انه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به انما هي محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه ....)) ج4 ص 138 .

 

       27- رواية يونس بن عبد الرحمن قال : دخلت على موسى بن جعفر عليه السلام فقلت له : يا ابن رسول الله انت القائم بالحق ؟ فقال : أنا القائم بالحق ؟! و لكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله عزوجل و يملؤها عدلاً كما ملئت جوراُ و ظلماً هو الخامس من ولدي له غيبة يطول أمدها خوفاُ على نفسه يرتد فيها أقوام و يثبت فيها آخرون ...)) و الرواية مروية في كمال الدين و كفاية الأثر و اعلام الورى وغيرها . ج4 ص 140. و للرواية طرق عديدة بعضها معتبر عند كثير من علماء الرجال .

 

      28- حديث الامام الرضا عليه السلام المروية عن تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم لابن الخشاب وغيره قال عليه السلام : (( الخلف الصالح من ولد ابي محمد الحسن بن علي و هو صاحب الزمان وهو المهدي )) ج4 ص 153 .

 

      29- ما رواه الصدوق في كمال الدين بسند معتبر عن الريان بن الصلت قال : (( قلت للرضا عليه السلام انت صاحب هذا الأمر ؟ قال : انا صاحب هذا الأمر و لكن لست بالذي أملؤها عدلا ً كما ملئت جوراُ .....ذاك الرابع من ولدي يغيبه الله في ستره ما شاء ...)) ج4 ص 154 .

 

      30- حديثه في كمال الدين و علل الشرايع و عيون أخبار الرضا عليه السلام وغيرها (( كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه قلت له ولم ذاك ياابن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : لأن امامهم يغيب عنهم .....)) ج4 ص 163. 

 

      31- حديث الامام الجواد عليه السلام عن كمال الدين وغيره : (( ان الامام بعدي ابني علي أمره أمري وقوله قولي و طاعته طاعتي و الامام بعده ابنه الحسن ......ثم قال : اما ان بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر ....)) ج4 ص 186 .

      32- حديثه الآخر (( ....ان القائم منا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته و يطاع في ظهوره هو الثالث من ولدي .....)) ج4 ص 187 .

 

      33- حديث الامام الهادي عليه السلام : (( ان الامام بعدي الحسن ابني و بعد الحسن ابنه القائم ....)) ج4 ص 196 .رواه في كمال الدين و كفاية الأثر و غيرهما .

 

      34- قوله عليه السلام على ما في الكافي و كمال الدين و علل الشرايع و كفاية الأثر وغيرها : (( الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف فقلت و لم ؟ جعلني الله فداك فقال انكم لا ترون شخصه و لا يحل لكم ذكره باسمه فقلت فكيف نذكره فقال قولوا الحجة من آل محمد عليهم السلام ) . ج4 ص 203 .

 

       35- رواية عبد العظيم المشهورة حيث عرض عقائده على الامام الهادي عليه السلام و ذكر الأئمة عليهم السلام إلى أن قال : ثم انت يا مولاي ثم قال : و من بعدي الحسن ابني فكيف للناس بالخلف من بعده قال فقلت وكيف ذلك يا مولاي قال : لأنه لا يرى شخصه و لا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاُ و عدلاً كما ملئت جوراً و ظلماً ...)) و الرواية مروية في كتب كثيرة ككمال الدين و التوحيد والأمالي  و صفات الشيعة و كفاية الاثر و روضة الواعظين و أعلام الورى وغيرها . ج4 ص 216 

 

      36- قول الامام العسكري عليه السلا م حين قتل الزبيري : (( هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة الله فيه . قال الراوي : و ولد له ولد سماه محمداً في سنة ست و خمسين و مائتين )) رواه الكليني في الكافي والصدوق في كمال الدين و المفيد في الارشاد و الطوسي في الغيبة و غيرهم . ج4 ص 223 .

 

      37- كتابه عليه السلام لأحمد بن اسحاق : (( ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً و عن جميع الناس مكتوماً فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته و الولي لولايته أحببنا إعلامك ليسرك الله به مثل ما سرّنا به و السلام )) ج4 ص 226 .

      38- قوله عليه السلام لأم الحجه عليه السلام : (( ستحملين ذكراً و اسمه محمد و هو القائم من بعدي )) كما في كمال الدين و كفاية الأثر وغيرهما . ج4 ص 239 .

 

      39- قوله عليه السلام : (( ابني محمد هو الامام و الحجة بعدي ....)) ج4 ص 246 .

 

     40- قوله عليه السلام : (( هذا امامكم من بعدي و خليفتي عليكم ...)) ج4 ص 251 .

 

      هذا و نقتصر على الأربعين و الا فالأحاديث عن الامام الحسن العسكري في ذلك كثيرة مذكورة في المعجم بمصادرها و كذلك في سائر الأبواب روايات كثيرة غير ما ذكرنا . و هناك باب واسع جدا و هو باب الأدعية و الزيارات المأثورة عنهم عليهم السلام التي فيها ذكر الأئمة واحداً واحداً و منهم المهدي و منها ما يختص به عليه السلام و بعض هذه الأدعية و الزيارات معتبرة سنداً . و عدم اعتبار السند في بعضها من جهة عدم اهتمام الأصحاب بذكر أسانيد الزيارات و الأدعية لعدم ترتب اثر تكليفي عليه حسب معتقدهم . فمن الروايات المعتبرة سنداً ما رواه المشايخ الثلاثة الكليني و الصدوق و الطوسي في الكافي و الفقيه و التهذيب ومصباح المتهجد عن الامام الكاظم عليه السلام و هو دعاء سجدة الشكر : (( اللهم اني اشهدك و اشهد ملائكتك و انبياءك و رسلك و جميع خلقك أنك أنت الله ربي و الاسلام ديني و محمداً نبيي وعلياً و الحسن و الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى  و محمد بن علي و علي بن محمد  و الحسن بن علي و الحجة بن الحسن بن علي أئمتي بهم أتولى و من أعدائهم أتبرأ )) .

 

      و هذا النص في الفقيه و في الكافي ورد هكذا و فلاناً و فلاناُ إلى آخرهم . و كذلك في التهذيب و في مصباح المتهجد هكذا و الحسن بن علي و الخلف الصالح .... ج4 ص 146 .

      

      و باب آخر هو باب من تشرف برؤيته عليه السلام و أحاديث هذا الباب ايضاً كثيرة و منها ما هو معتبر سنداً فبعضهم رآه عند أبيه كأحمد بن اسحاق الأشعري الثقة الجليل و بعضهم رآه في الغيبة الصغرى . 

      و على كل حال فكثرة هذه الروايات و تعدد طرقها لا يبقي مجالاً للشك إلا لمن لا يؤمن بما لا يراه و يحاول بكل شبهة أن يشكك في الغيب . و لو كفى ما ذكره الكاتب من احتمال كون هذه الفكرة من اختلاق الحركات الباطنية السرية في رد نظريات كل هؤلاء العلماء الثقات لكفى قول من قال : انما يعلمه بشر في رد اعجاز القرآن الكريم و نبوّة سيد الخلق اجمعين ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و لا زالت الشبهات الملقاة من أعداء الاسلام حول استناد القرآن إلى الله تعالى و قطعية متنه الكريم وعدم وقوع التحريف و التغيير فيه طيلة هذه القرون مستمرة بل متطورة و ما هي الا كالشبهة في مقابل البديهة و مثل ذلك شبهات الكاتب و أمثاله ممن يستهزؤون باخبار الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و الأئمة عليهم السلام عن الغيب . و يستلزم ذلك انكار كل الآيات الحاكية عن اخبار الرسل عن الغيب كقول عيسى عليه السلام : و أنبئكم بما تأكلون و ما تدخرون في بيوتكم . و اخبار العالم الذي كان مع موسى عليه السلام عن الغيب في الحوادث الثلاثة المذكورة في سورة الكهف . و انكار الأحاديث القطعية التي حكت أخبار الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم )  و الأئمة عليهم السلام عن الغيب و التي صدقها الواقع الخارجي كاخباره ( صلى الله عليه و آله و سلم )  عن مقتل أمير المؤمنين و الحسين عليهما السلام و عن احدى زوجاته ( صلى الله عليه و آله و سلم )  التي تكون صاحبة الجمل الادبب تنبحها كلاب الحوأب وغير ذلك . 

 

      وقد جمعت مؤسسة المعارف الاسلامية السابق الذكر كل ما تمكنت من جمعــه في كتاب ( الاحاديث الغيبية ) في ثلاث مجلدات . 

  

      هذا مع أن الروايات الوارده عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) بشأن الأئمة عليهم السلام كثيرة أيضا لا يسع المنصف انكارها خصوصا اذا لاحظنا أن كثيراً منها مما روته العامة و لا داعي لهم إلى جعل رواية بهذا الشأن و لا يتوهم أي موجب للجعل في ذلك . فمثلا الروايات التي تقول ان الأئمة بعدي اثنى عشر كلهم من قريش ، أو أنهم بعدد نقباء بني اسرائيل بصورها المختلفة المروية بطرق عديدة حتى في الصحيحين و غيرهما من الكتب المعتمدة عندهم مما لا يبقى مجالا للشك في صدور هذا المضمون عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و قد ارتبك علماؤهم في تطبيق هذا العدد على الخلفاء و ليس في المسلمين مذهب يمكنه عدّ أئمة بهذا العدد يمكن ان يأمر النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) باتباعهم ـ كما في بعض تلك الروايات بل هو مقتضى اعتبارهم أئمة ـ إلا المذهب الشيعى الاثنى عشري . و لكن من يعدّ حديث الغدير ضعيفاً سنداً و دلالة و كذلك حديث المنزلة و كل تلك الأحاديث الكثيرة الواردة بشأن امامة أمير المؤمنين عليه السلام فلا يمتنع من رد كل أحاديث الرســـول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) بدعوى أنه لا يقتنع بذلك ، كمن لا يقتنع بكل الأدلة على وجود الله سبحانه إلا أن يراه بعينه تعالى الله عن ذلك ( وقالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) .

 

      بهذا اكتفي في هذه العجالة و أحيل التفصيل على إكما ل تلك الصحائف كما أحيل المراجع المنصف الذي لم يتخذ الهه هواه إلى الروايات المجموعة في معجم أحاديث الامام المهدي عليه السلام .

 

      و أما سائر ما ذكره الكاتب في تعليقه هنا فلا يستحق التعليق فانه لم يذكر شيئاً يجاب عنه الا التعبير عن كل ما ورد هناك بأنه دفاع مستميت أو مناقشة بسيطة . و ذلك في قبال استشهاده برواية ضعيفة تضمنت وصية من الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) لأمير المؤمنين عليه السلام لا تشتمل على ذكر الخلافة . فقلت إن الرواية لو صحت فهي تنقل وصية من الرســول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) حول أمر خاص ، وهل هذا يدل على نفي أي وصية اخرى حتى تعارض الروايات الدالة على نصب علي عليه السلام اماما للمسلمين ؟! و اذا أوصى أحد بعدة وصايا غير متعارضة هل تعني الوصية الأخيرة بطلان ما سبقها أو تدل على أنها الوصية الوحيدة ؟! على أي منطق يستند هذا الاستدلال ؟! 

 

      و اما ما قاله حول نظرية ولاية الفقيه فليس فيه ايضا شيء جديد و لم أجد  فيه أي جواب لما ذكرت من أن سند القائلين بذلك هو روايات الأئمة السابقين عليهم السلام دون النيابة العامة و انه انما راق له ان يتشبث بهذا التعبير ليعتبره اساس نظرية ولاية الفقيه و يبرر اصراره على نفي وجود الامام المهدي عليه السلام و انه محاولة لهدم هذه النظرية التي يعتبرها أساس المشاكل السياسية و الاجتماعية على الساحة الايرانية و قلت ان هذا خطأ واضح و أن ولاية الفقيه لا يستند الى النيابة و ان ورد في التوقيع المنسوب الى الامام المهدي عليه السلام : (و هم حجتي عليكم ) الا ان اكثر المتبنين لنظرية ولاية الفقيه لا يعتمدون على سندها .

      و اما قوله ان نظرية ولاية الفقيه اذا لم تستند الى النيابة العامة فيكف تكون مطلقة ؟ و ان نظرية ولاية الفقيه القائمة على الشورى و الانتخاب تناقض نظرية الامامة القائمة على العصمة و النص . فالجواب عنه واضح لمن يراجع أدلة ولاية الفقية فان هذه نظرية فقهية فرعية يختلف فيها العلماء قديماً و حديثاً و ينكرها بهذا العموم و الاطلاق أكثرهم بل لم أجد من صرح بذلك الا سيدنا الامام ( رحمه الله ) و تبتني على بعض الروايات الصادرة عن الائمة عليهم السلام حول من لا يصل الى الامام في الموارد التي يتوقف الامر فيها على حكم فصل من حاكم له الولاية الشرعية فأحيل حسب هذه الروايات إلى مراجعة الفقيه و كذلك ما لابد من أخذ موقف تجاهه مما يعلم بالضرورة أن الشريعة لا ترضى باهمالها كأموال القصّر و الغيّب فيقولون بأن الولاية في ذلك للفقيه و لذلك لا يتوقف الأمر على هذا الحد فلو لم يكن في مورد الحاجة فقيه كانت الولاية لعدول المؤمنين بل لو لم يكن هناك عادل كانت الولاية لفساقهم ايضا و ذلك للعلم بأنه لا يجوز اهمال امر اليتامى مثلا . و لكن سيدنا الامام ( رحمه الله ) عمم الحكم على اساس أن أمر الأمة جمعاء أيضا لا يجوز اهماله ، و لا نتدخل هنا في تفاصيل استدلاله و انما الغرض أن هذا لا يرتبط أساسا بقضية الامامة التي هي قضية عقائدية و ليس في الشيعة أحد يدعي ان الفقيه المنتخب امام كسائر الأئمة و انما ادعى سيدنا الامام الخميني ( رحمه الله ) ان له ما للإمام و النبي من الولاية في الأمور الاجتماعية و هذا – كما قلت – أمر يختص به ، و لا يناقض نظرية الامامة الإلهية كما هو واضح . و لذلك استدرك السيد الإمام حينما حكم بعموم الحكم أن ما للإمام من مقام معنوي موهوب من الله سبحانه ، أمر آخر . فلو تم الإستدلال فالفقيه بمنزلة وال على مدينة من قبل الامام المعصوم . أؤكد أنه بمنزلته و ليس به فالامام لم ينصب أحدا بشخصه بل حتى بعنوانه اذا لم نعتمد على التوقيع المذكور كما هو المفروض . اذن فولاية الفقيه نظرية فقهية يعتقد على أساسها أن للفقيه في هذه الظروف ولاية نظير ما للوالي المنصوب . فنفي وجود الامام الثاني عشر عليه السلام لا ينتج ما رامه الكاتب من زعزعة كيان ولاية الفقيه . 

  

      يقول الكاتب : ما هي المصلحة الدينية أو الضرورة السياسية لنفي دلالة آية الشورى على انتخاب الامام و التركيز على كون النص مذهب اهل البيت بالرغم من نصوصهم الكثيرة على الشورى و حق الأمة في انتخاب الامام ... إلى آخر ما ذكره . 

 

      اقول : و هل لابد من ضرورة دينية أو سياسية تمنع من ذلك ؟ ما هو الدليل على أن المراد به أمر الامامة ؟ مع أنه اذا فرض ذلك فلا بد من كونه شاملاً لزمان النزول فهو أوضح مصـاديقه . و معنى ذلك أن ولاية الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و امامته أيضا تابعة للشورى فان أراد الناس بايعوه و كان امامهم و أن أبوا لم يكن عليهم حرج في ذلك . و هذا لا يقوله مسلم . و قد ذكرت هناك أن الكاتب من أنصار هـذه الفكرة و أنـه لا يقول بولاية النبـي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) الا اذا أراده الناس . اذن فما معنى قوله تعالى (( و ما أرسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله )) و ما معنى قوله تعالى  :(( و ما  كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضى الله و رسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)) و ما معنى قوله تعالى : (( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم )) ؟ إلى غير ذلك مما يطول ذكره و لا حاجة إلى بيانه  فالمسلم هو الذي أسلم لله و رسوله و سلم أمره الى الله و رسوله و من يرفض ذلك فليس بمسلم . و أما ان النص على الامامة هو مذهب اهل البيت فهذا أيضا مما لا يشك فيه أحد ممن يراجع مذهبهم و يكون من أهله .

و من المضحك أن يبحث أحد في كتب الشيعة عن رواية تدل على النص في خلافة امير المؤمنين عليه السلام و ولايته و الشيعة تعتقد أن روايات العامة أيضاً كافية في ذلك ، و لولا هذا فما هو الاختلاف بين المذهبين ؟ و ما هو الاختلاف بين أهل البيت و من ابتزوا الخلافة ؟ و ماذا يريد أمير المؤمنين عليه السلام من شكاواه ؟ و لماذا لم يبايع الامام الذي انتخبه الناس سته أشهر ؟ و لماذا ماتت فاطمة عليها السلام و هي ساخطة على الخليفة و هجرته فلم تكلمه حتى ماتت ـ على حد تعبير البخاري ـ هل ماتت ميتة جاهلية كما في الحديث المشهور و هي لم تعترف بامام زمانها كما يظنه الكاتب ؟ و قد ذكرنا في تلك الصحائف شواهد كثيرة من خطب الامام وغيرها مما يدل على رفضه للشورى و استناده الى النص و لكن الكاتب كأنه لم ير شيئاً من ذلك أم على قلوب اقفالها فنفى أن يكون في تلك الصحائف ما يقابل اكتشافه الجديد و هو استناد الائمة الى الشورى . و ليس هذا بجديد فكل مخالفي الشيعة يعتقدون ذلك بالنسبة لأئمتنا و لو كانوا يرون أنهم يرفضون الشورى لم يكن لهم احترام عندهم فان رفض الشورى معناه رفض خلافة من تسلموا الخلافة بدعوى بيعة الناس لهم . 

 

      يقول الكاتب : كيف يستند المهري على أحاديث ضعيفة السند و الدلالة على خلافة الامام علي ... و لماذا لم يذكر عشرات الروايات المتواترات القطعيات التي ملأت كتب الشيعة .... ماذا ينتظر الكاتب ؟ هل يريد أن أنقل في هذه الصحائف جميع ما ورد في كتاب الحجة في الجزء الأول من الكافي ؟ و هل من المعقول أنه لم ير هذه الروايات ؟ و خصوصاً أبواب النص على امامتهم مجموعاً ، و واحداً واحداً ، و أبواب فرض طاعتهم ، ومعرفتهم ، و أنهم هم الهداة ، وشهداء الله على خلقه ، و ولاة أمره ، و ولاة الامر ، وغير ذلك من الأبواب . و كذلك سائر الكتب ككتاب (( اكمال الدين و اتمام النعمة )) للشيخ الصدوق و كتب المفيد و المرتضى و غيرهم و ما جمع في بحار الأنوار من مجموع  كتب الحديث . أم أن كل هذه الروايات لا توجب القطع باسناد هذه الفكرة الى أهل البيت عليهم السلام ؟ ما هذا الا مكابرة و عناد لا يمكن مقابلته بالمنطق و الاستدلال . 

 

      و يقول أيضا : كيف أن موضوعاً هاما ً و حيويا ً كالخلافة بالنص يمكن أن يكتفى ببيانه و تشريعه و اقامة المجتمع عليه ببعض الاحاديث الغامضة التي لا توضح كيفية انتقال امام الى آخر و أنها في البيت الحسيني أو الحسني و ماذا يفعل الشيعة اذا لم يجدوا نصا و لا وصية على بعض الائمة أم كان الأئمة أطفالاً صغاراً غير مكلفين شرعاً و ماهو واجب المسلمين إذا غاب الامام مئات السنين و لم يجدوا له أثرا و كيف يأمر الله تعالى باتباع امام يعيش وراء حجاب ؟! .

 

      أقول : انا لا نقول ان الخلافة بالنص بل نقول ان الامامة بالنص و الإمامة كالرسالة منصب الهي لا يكون الا بجعل من الله سبحانه كما قال تعالى (( و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا )) . فكما أن الناس لا ينتخبون رسولهم و انما يبعث الله  من يشاء و على الناس أن يؤمنوا به و يطيعوه كما قال تعالى (( و ما أرسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله )) . فكذلك الامام منصوب من قبل الله و على الناس أن يطيعوه . فالولاية و الحكومة أمر تابع للامامة الالهية كما هو الحال في الرسول . و الاحاديث الصادرة عن الرسول بهذا الصدد ليست غامضة بل هي واضحة الدلالة كقوله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) (( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض )) . و قوله الأئمة بعدي اثنا عشر ... و غير ذلك و هي كثيرة جدا لا يمكن حصرها في هذا المختصر و كثير منها وارد في كتب الفريقين  . و بذلك يتبين أن انتقال الامامة من امام الى امام لا يحتاج الى وصية و لا كيفية خاصة بل هم أشخاص قد عينهم الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم )  بأسمائهم وان جهلها جمع من المسلمين بل الشيعة أنفسهم فوصية الإمام السابق ليست لتعيين الإمام من بعده بل لإعلام الناس به و لا فرق في ذلك بين  صغيرهم و كبيرهم وشاهدهم و غائبهم . كما أن الرسول قد يكون صبياً . قال تعالى في شأن يحيى عليه السلام (( و آتيناه الحكم صبيا )) . و قال عيسى في المهد (... آتاني الكتاب و جعلني نبيا )) . و هناك من الانبياء من قتلهم الناس و لم يستطيعوا انهاء مهمتهم و هناك منهم من نفوا عن البلاد و أخرجوا من أوطانهم فهل ينتفى حكم الرسالة بذلك ؟! . و قد رفع الله عيسى عليه السلام اليه حينما أراد الناس قتله . و لا شك أنه باق على رسالته و الناس مكلفون باطاعته وغيابه عنهم كان بسببهم فهم الذين تسببوا في استلاب نعمة الولاية عنهم . و هكذا الامام الغائب فان امامته لا تنتفى بغيبوبته كما لا تنتفى بابتعاد الناس عنه و هجره و طرده و سجنه كما صنع ذلك بالامام الكاظم عليه السلام . 

 

      و الحاصل أن الامام المنصوب من قبل الله كالرسول و على الناس ان يهيئوا الارضية الصالحة ليتمكنوا من التنعم بنعمة الولاية والقيادة الالهية فان رفضوا ذلك كانوا هم الخاسرين كما خسرت الامم بعدم الانقياد لأنبيائهم . و الامام لم يغيبه الله الا بعد ظهور أحد عشر اماما رفضت الامة الانصياع لهم و متابعتهم بل قتلوا و شرّدوا . فهل في ذلك بعد ما صنعوا أمر مستنكر أو عجيب ؟! .  

 

      و اخيراً فاني أطلب من القراء أن يجيبوا على السؤال التالي بعد ملا حظة ما ذكرته من أن الكاتب كذب على المؤلفين و قطع الأحاديث ليتم له ما أراد : 

 

      ما هو الحافز الذي دفعه الى تجشم هذه المصاعب و ارتكاب هذه المآثم و المفروض أنه لم يكن معتنقا لهذه العقيدة فيما سبق فيحاول اثباته ، فما الذي دعاه ليتشبث بكل اثم و افتراء لاثبات هذه المزعمة ؟

 

      و السلام على من اتبع الهدى و الحمد لله أولاً و آخراً 

 

                                                                  سيد مرتضى المهري