مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

ورد في شأن نزول الآية أنّ أم سلمة أو أسماء بنت عميس أو غيرهما شكت إلى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم اختصاص الوعود بالأجر والثواب بالرجال، وعدم ورود آية بشأن النساء فنزلت.

ومن المحتمل بقرينة موضع الآية أنّ الغرض منها تعميم الوعود الباعثة إلى الخير، ليشمل سائر نساء المؤمنين، لئلّا يتوهّم اختصاص الوعد بالثواب بنساء النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم، والتأكيد على ذكر الذكور والإناث في كل صفة يوحي بعدم الفرق بين الرجال والنساء عند اللّه تعالى، وأنّ المناط للثواب هو العمل الصالح.

واختلف المفسرون في أنّ الاسلام والإيمان هل هما بمعنى واحد أم يختلفان، كما هو ظاهر العطف. والذي يظهر بملاحظة الآيات أنّ الاسلام له معنيان، فهو بأحدهما أعمّ من الإيمان موردا، وبالمعنى الآخر أخصّ منه.

امّا الأعمّ فمنه قوله تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ..) الحجرات: 14، فيظهر من هذه الآية أنّ الإيمان هو الإعتقاد القلبي، والإسلام هو التسليم ظاهراً، فكل مؤمن مسلم دون العكس.

ومن الإسلام بالمعنى الأخص قوله تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا) آل عمران: 67، وقوله تعالى في حكاية قول إبراهيم واسماعيل عليهما السلام: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ..) البقرة: 128، وغير ذلك. والإسلام بهذا المعنى يراد به التسليم لأمر اللّه تعالى، وبالمعنى الأول هو الانخراط في المجتمع الاسلامي.

ويلاحظ أن الإسلام بالمعنى الثاني يرد في كثير من الموارد مع التقييد بكونه للّه تعالى، كالآية السابقة (مسلمين لك)، وقوله تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) البقرة: 131، وقوله تعالى: (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للّه وَمَنِ اتَّبَعَنِ) آل عمران: 20 وقوله عز من قائل: (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) غافر: 66 وغير ذلك.

هذا والظاهر أن المراد بالإسلام في هذه الآية هو المعنى الأخص، لأنه هو مناط الثواب. وأما الإسلام بالمعنى الأعم فهو مناط الأحكام الظاهرية من الطهارة والزواج وسائر حقوق المسلم، اذ أنّه بهذا المعنى يجتمع مع النفاق. ثم إنّ التسليم لأمر اللّه تعالى له مراتب كثيرة، وكلّما زاد المؤمن إيمانا زاد تسليما حتى يبلغ مرتبة الرضا.

والقنوت هو الإطاعة في خضوع. والصدق يشمل الصدق في الإعتقاد والقول والعمل. والصبر يشمل الصبر على الطاعة، وترك المعصية، وتحمّل المصائب والمشاقّ. والخشوع: التذلل. والتصدّق هو انفاق المال مطلقا. ويقال: إنّ أصل الصدق يدل على أمر فيه قوّة، فلعل التصدّق إنّما أطلق على الإنفاق، لأنّه يدل على قوّة في النفس حيث يسمح بالمال من دون مقابل.

وحفظ الفرج كناية عن تجنّب كل تلذذ جنسيّ على وجه محرم. وحذفت كلمة فروجهنّ لدلالة قوله (فروجهم) عليها.

والذكر يشمل القلبيّ واللسانيّ. والمراد بكثرة الذكر القلبيّ أن لا ينسى المؤمن ربّه في المواطن المقتضية للذكر، كما لو كان في موضع ربما ينجرّ الى معصية، أو في موقف يستدعي منه طاعة، أو يتطلب منه الصبر والمقاومة. وأمّا اللساني فقد ورد في الحديث أنّ تسبيحة الزهراء سلام اللّه عليها عقيب كل صلاة من الذكر الكثير. وحذف المتعلق في الذاكرات ايضا كالفقرة السابقة.