مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى...

اختلف المفسرون واللغويون في معنى (كلا) فمنهم من خصها بالردع والزجر عن كلام سابق. قال الراغب في المفردات (كلا ردع وزجر وابطال لقول القائل وذلك نقيض في الاثبات) ومثله ورد في كثير من كتب اللغة والتفاسير.

وقيل انها قد تأتي بمعنى (حقا) وقيل تأتي بمعنى (ألا) للتنبيه.

ولا شك أن الاصل فيها هو الردع والزجر ونفي ما سبق ولكن الاشكال في مثل هذه الآية انه لم يتقدم أمر يمكن أن يتعلق به نفي او ردع.

ومن هنا اضطر المفسرون الى تقدير أمر يرتبط بتلك المفاهيم بحيث يتعلق به الزجر والردع ولكن يقوى الاشكال اذا قيل بأن هذه الآيات نزلت بفاصل طويل عن الآيات السابقة كما يقول به القوم اذ تكون كلا حينئذ في بدء الجملة وقد غفلوا عن لزوم هذا الاشكال على صحة ما التزموا به من التفريق في نزول الآيات.

قال العلامة الطباطبائي قدس سره في تفسير الآية: (ردع عما يستفاد من الآيات السابقة أنه تعالى أنعم على الإنسان بعظائم نعم مثل التعليم بالقلم وسائر ما علم والتعليم من طريق الوحي فعلى الإنسان أن يشكره على ذلك لكنه يكفر بنعمته تعالى ويطغى).

وقال الزمخشري في الكشاف (ردع لمن كفر بنعمة اللّه عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه).

وقيل انها بمعنى (حقا) فلا تدل على نفي لما قبلها بل على تأكيد ما بعدها. قال فی العین (كلّا على وجهين تكون حقّا وتكون نفيا..) ثم مثّل للاول بقوله تعالى في هذه السورة (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ).

وهو غريب لامكان كونها ردعا لما سبق ومع ان هذا وارد في كتاب العين وهو رواية الليث لكتاب الخليل فقد حكي عنه خلاف ذلك ففي تهذيب اللغة (وروى ابن شميل عن الخليل انه قال كل شيء في القرآن (كلا) ردٌّ يَردّ شيئا ويُثبت آخر).

وقال ابن هشام في المغني (وهي عند سِيبويه والخليل والمبرد والزجاج وأكثر البصريين حرف معناه الردع والزجر لا معنى لها عندهم إِلَّا ذلك).

ولكن هذا الكلام لا يختص بكتاب العين نقلا عن الخليل فقد قال الجوهري في الصحاح (كَلاَّ: كلمة زجْرٍ وردعٍ ومعناها انْتَهِ لا تفعلْ كقوله تعالى أَيَطْمَعُ كلُّ امرئٍ مِنهُم أن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعيمٍ كَلاَّ.. أي لا يطمع في ذلك. وقد تكون بمعنى حقًّا كقوله تعالى كَلاَّ لَئِنْ لم يَنْتَهِ لَنَسْفَعا بالناصِيَة).[1]

وقيل انها ردع وابطال لما يأتي بعدها. وهذا مذكور في بعض كتب التفسير ولم اجد في كتب اللغة ما يؤيده.

وحيث إن الاصل فيها هو الردع والزجر ونفي ما سبق فما ذكره اكثر المفسرين من التقدير اولى من تأويلها الى ما يفيد التاكيد لما بعده او التنبيه فان سياق ذكر النعم الجسيمة على الانسان يوحي بلزوم الشكر والتذلل وكأن السياق يتساءل (فهل شكر الانسان ربه؟!) ويجيب (كلا) ثم يأتي بالسبب الموجب لكفرانه وطغيانه وهو أنه يجد نفسه مستغنيا عن غيره بعلمه وبقدرته التي اكتسبها وكذلك ماله وسائر شؤونه التي تتبع العلم فيظن انه مستغن حتى عن ربه ويغفل عن أن علمه انما كان من الله تعالى.

ومثل هذا الفكر والظن حكاه الله تعالى عن قارون حيث قال (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي..).[2]

ومهما كان فهناك بحث في التفاسير حول اختصاص الآية بانسان معين وهو ابو جهل او غيره وبين كونها عامة وهو الصحيح فهذا امر عام لا يختص به انسان ولا صنف بل هو من طبيعة البشر وهو أنه اذا رأى نفسه مستغنيا في اي جهة من الجهات فانه يطغى بمعنى أنه يتجاوز حدّه.

وعلى الانسان ان يعلم انه لن يستغني من رحمة الله وعنايته مهما بلغ من العلم او المال او القدرة الجسمية او السلطة ويجب ان يتنبه الى أنه لا قوة له الا بالله ولا يمكنه الاعتماد على نفسه فكل ما عنده من علم وقدرة وحياة ووجود وكيان كله من الله تعالى.

وضمير الفاعل والمفعول في قوله (أن رآه) يعود الى الانسان اي أن رأى نفسه استغنى و(أن) للتعليل بتقدير اللام اي (لأن).

إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى...

الرجعى مصدر كالرجوع ولعل الخطاب للرسول صلى الله عليه واله وسلم بناءا على ان مضمون الآية تهديد للطغاة فيشمل المشركين وفيه تسلية للرسول صلى الله عليه واله وسلم.

ويمكن ان يكون خطابا للانسان تنبيها له على خطئه في هذا التصور المؤدي الى الغرور فيقال له ان رجوعك الى الله تعالى بعد الموت فيحاسبك على كل صغيرة وكبيرة فلا يغرنك ما تشعر به من الاستغناء في الدنيا فانه حتى لو كان استغناءا واقعيا فان مآلك الى الله وحسابك عليه.

ويمكن ان يكون الرجوع بمعنى ان ما لديك ايها الانسان من علم وقوة ومال وغيرها كلها ترجع اليه تعالى وهو الذي منحك اياها ويمنحك باستمرار واذا توقف عن العطاء لحظة فلا شيء لك.

أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى...

ورد في بعض الروايات أنها نزلت بشأن من هدّد الرسول صلى الله عليه واله وسلم في صلاته في المسجد الحرام وان لم يرد الحديث بوجه معتبر.

قال في المجمع (جاء في الحديث أن أبا جهل قال هل يعفّر محمد وجهه بين أظهركم قالوا نعم قال فبالذي يُحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته فقيل له ها هو ذلك يصلي فانطلق ليطأ على رقبته فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه و يتقي بيديه فقالوا ما لك يا أباالحكم قال إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة وقال نبي الله والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا فأنزل الله سبحانه «أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى‏» إلى آخر السورة).

والحديث عامي ونحن لا نعتمد عليه وتلاحظ الغرابة في قوله (واجنحة) حيث يوهم انه راى الملائكة وهذا من التوهمات الفاسدة ان الملائكة لهم اجنحة كاجنحة الطير.

والصحيح أن الآية عامة وهناك كثير من الناس ينهون عن عبادة الله تعالى قديما وحديثا ولم يكن المنع في قريش يختص بابي جهل بل كان هناك من هو أشرس منه وفيهم من قاد الجيوش لابادة المسلمين وكان ابوجهل احد جنوده ولكن القوم يحاولون حصر العداء فيه لئلا يصيب بعض الذم لمن اسلم ولو ظاهرا واصبح من الصحابة.

وهذه ملاحظة عامة لكثير من الاحاديث التي تركز على معاداة ابي جهل وشراسته.

ومهما كان فلو صح ان الآيات نزلت بشأن نهي الرسول صلى الله عليه واله وسلم عن الصلاة فالناهي غير معلوم ولعله غير محدد في شخص.

والخطاب في قوله (أرأيت) للرسول صلى الله عليه واله وسلم او لكل سامع وقارئ.

وفي هذا التركيب على وجه العموم احتمالان:

الاول: ان يكون الاستفهام للتعجيب كما يقولون او لانشاء التعجب وحينئذ لا حاجة الى تعقيب بعده فيكون المراد هنا اظهار العجب ممن ينهى عبدا اذا صلى والكلام تام بذلك والسر في التنديد بهذا الامر واضح فان الصلاة عبادة لله تعالى وهو أمر يخص الشخص ولا يضر غيره.

والغرض من انشاء هذا التعجب ذكر مثال واضح للانسان الذي يطغى ويتجاوز حده اذا راى نفسه مستغنيا عن ربه فهو لا يكتفي بترك عبادته والاعراض عن هداياته بل ينهى غيره من عبادته ايضا وهذا هو الطغيان.

والمشهور ان المراد بالعبد الرسول صلى الله عليه واله وسلم ولكن الظاهر انه عام وفي التعبير به اشارة الى ان ذلك من وظائفه لانه عبد لله تعالى.

الثاني: ان يكون المراد به فرض موضوع ليحكم عليه بحكم كما تقول لاحد ارايت فلانا الذي فعل كذا ــ تريد ان تذكره بعلامة ليتذكره السامع ــ فانه كذا وكذا.

واستعمال هذا التعبير في هذا المعنى كثير في القرآن الكريم كقوله تعالى (قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ..).[3]

وبناءا على هذا الاحتمال فالحكم هنا مقدر تدل عليه الآيات السابقة اي فانه هو مصداق الانسان الذي يطغى حيث راى نفسه مستغنيا عن ربه وليس بحاجة الى عبادته فيعتدي على غيره ايضا ويمنعه من العبادة.

والمفسرون يفسرون هذه الكلمة في مواردها في القرآن بانها بمعنى (اخبرني) وهم في الغالب حملوها هنا على هذا المعنى وقال بعضهم ان الحكم عليه في المواضع الثلاثة واحد وهو قوله تعالى (الم يعلم بان الله يرى).

وما ذكرناه من التقدير اولى لانه لا يتم في الآية التالية وان حاولوا ذلك ولكنه بعيد جدا.

ومن الغريب ان العلامة رحمه الله جمع بين هذا المعنى وبين كون الاستفهام للتعجيب!! ومهما كان فالاحتمال الاول اولى لانه لا يحتاج الى تقدير.

أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى...

قال العلامة رحمه الله (أخبرني عن هذا الناهي إن كان ذاك العبد المصلي على الهدى أو أمر بالتقوى كيف يكون حال هذا الناهي وهو يعلم أن الله يرى).

وعليه فان اسم كان هو العبد. ويمكن ان تأول الجملة على هذا الفرض هكذا: ارايت ان كان على طريق الهدى او امر بتقوى الله تعالى فهل يمنعه ايضا.

ويمكن ان يجعل الخطاب على هذا الفرض موجها الى الناهي ويقال له (ارايت ان كان كذا فهل تمنعه ايضا) وهذان من صفات الرسول صلى الله عليه واله وسلم فالقصد من اضافة هذا الامر ان نهيه لا يختص بالصلاة فلا خصوصية لها عنده بل هو ينهاه عن سلوك طريق الهداية وامر الناس بالتقوى ايضا.

ولكن هذا الاحتمال بعيد من الاساس وموجب لعدم التناسق في العبارة مضافا الى أن هذا الاحتمال لا يوجه الترديد بقوله (او امر بالتقوى).

والاولى ان يكون اسم كان هو الضمير العائد الى الناهي ايضا وقوله (ارايت) هنا بمعنى (اخبرني) لان ما بعده جملة تامة والشرطية لا بد لها من جزاء فلعل التقدير هكذا: أخبرني عن هذا الانسان الطاغي الذي ينهى غيره عن عبادة الله لو كان على طريق الهداية وبدلا من النهي عن العبادة يأمر غيره بالتقوى ألم يكن هو الافضل او هو الطريق الصحيح.

ومن هنا يتبين أن الترديد المفهوم من (او) بلحاظ مقابلة ما صدر منه من النهي عن عبادة الله فالواجب على الانسان ان يكون على طريق الهداية واذا اراد ان ينصح غيره فليأمر بالتقوى لا انه ينهى عن الصلاة التي هي مقتضى العبودية.

فهذا نظير قوله تعالى (وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا).[4]

أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى...

الظاهر ان قوله (ارايت) هنا ايضا بمعنى (اخبرني) وقوله (ألم يعلم) جزاء الشرط والمعنى أخبرني عن هذا الطاغي اذا كذّب الرسول والرسالة الالهية وتولّى أي اعرض عن هدايات الله تعالى التي نزلت لانقاذهم من ظلمات الجهل والشرك والخرافة.

والاستفهام في قوله (الم يعلم) انكاري بمعنى انه يعلم ذلك فان انكار النفي اثبات وكيف لا يعلم وهو واضح لمن يعترف به خالقا للكون؟! وفي ذلك تهديد له اجمالا كما سيأتي التهديد بالتفصيل. والمعنى أنه يعلم بأنه تعالى يراه حين يكذّب رسالة السماء ويعرض عنها مع انه يعلم انها الحق من عند الله فكيف يجترئ على مثل ذلك؟!

وهناك تفسير اخر حكاه في مجمع البيان من دون اسناد الى شخص ولعله اولى واوضح قال (وقيل إن تقدير نظم الآية أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى وهو على الهدى آمر بالتقوى والناهي كاذب مكذب متول عن الإيمان فما أعجب هذا ثم هدده بقوله ألم يعلم..).

ومعنى ذلك ان تكرار قوله (أرأيت) في الموضع الثاني والثالث للتأكيد وليس جملة جديدة وأن المراد بها هو اظهار انه امر عجيب ان ينهى عبدا يصلي او ينهاه اذا رآه على الهدى او رآه يأمر بالتقوى فينهى ويكذب ويتولى. وقوله ألم يعلم جملة مستأنفة للتهديد.

كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ...

من الغريب ما ورد في بعض كتب اللغة من ان (كلا) هنا ايضا ليس للردع والزجر مع ان كونها بهذا المعنى واضح فانها تزجر الناهي عن الصلاة والمكذّب والمتولي وتهدده بما بعده.

ويلاحظ تكرر التأكيد بلام القسم في الشرط والجزاء والاتيان بنون التأكيد الخفيفة في قوله (لنسفعا) وان كتبت في المصاحف كالتنوين.

والناصية قصاص الشعر اي شعر مقدم الراس وقيل موضع الشعر والاصل في النصو الارتفاع.

والسفع بالناصية بمعنى الاخذ بها لاذلاله وجرّه الى مصيره جهنم او بمعنى سفع ناصيته وتلطيخها بالسواد كما قال تعالى (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ)[5] فان السفع كما قيل في الاصل بمعنى السواد وانما يقال للاخذ في خصوص الناصية لانهم كانوا ياخذون بناصية الفرس وهو موضع شعره الاسود ومهما كان فالتعبير مفعم بالاذلال والتهديد.

واللام في الناصية بدل عن المضاف اليه اي بناصيته وقوله (ناصية) بدل عنها وان كانت نكرة لانها موصوفة. ثم وصف ناصيته بانها كاذبة خاطئة مع انهما وصفان له بنفسه ولعل الوجه فيه ان صفاته الرذيلة واضحة على معالم وجهه.   

فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ...

النادي والنديّ والمنتدى محل الاجتماع. والندوة: الاجتماع. ودار الندوة معروفة وهي دار لبني هاشم بناها قصي بن كلاب كانوا يندون اي يجتمعون فيها للمشاورة ولا يقال له النادي الا مع اجتماع الناس فيه فالمراد بالنادي هنا قومه المجتمعون.

وفيه تهديد واستهزاء فانهم كثيرا ما كانوا يعوّلون على عشيرتهم وجماعتهم ويظنون انهم كما يحمونهم من الاعداء يحمونهم من غضب الله تعالى وعذابه ايضا قال تعالى (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ * سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).[6]

ورووا هنا ايضا حديثا يأتي في نفس السياق السابق من ان اباجهل هدد النبي صلى الله عليه واله وسلم بانه اكثر اهل هذا الوادي ناديا فنزلت الآية!!

ولا اظنه الا محاولة لتضييق النص.

ومهما كان فالآية تأمر هذا الناهي عن الصلاة والمكذب والمعرض بانه اذا اراد المعارضة فليدع ناديه لمقابلتنا ومقابلة الرسول صلى الله عليه واله وسلم فانا سندعو في مقابله الزبانية.

والواو محذوف من (ندعو) تاسيا باللفظ فان الواو لا تتلفظ لالتقاء الساكنين.

والزبانية ملائكة العذاب قال في الصحاح (الزبانية عند العرب الشرط وسمي بذلك بعض الملائكة لدفعهم اهل النار اليها قال الاخفش قال بعضهم واحدهم زباني وقال بعضهم زابن وقال بعضهم زِبنيّة مثال عِفريّة قال والعرب لا تكاد تعرف هذا وتجعله من الجمع الذي لا واحد له).

وقال ابن دريد في الجمهرة (الزبن الدفع.. الى ان قال وزعموا ان من هذا اشتقاق الزبانية والله اعلم).

كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ...

(كلا) زجر للناهي عن الصلاة ويمكن ان يكون ردعا عما بعدها من الاطاعة او تأكيدا للنهي عنها ولعدم الاهتمام بقول الناهي كما قيل.

والخطاب ان كان للرسول صلى الله عليه واله وسلم كما هو المعروف فيكون دليلا على ان العبد المنهي هو الرسول ايضا ويمكن ان يكون الخطاب للعبد المنهي ايا كان.

والاطاعة: الانقياد فالمراد عدم متابعة نهيه عن السجود وأكّده بالامر به وان يقترب بسجوده من الله تعالى اي من رضوانه.

وقد روى الصدوق قدس سره بسند صحيح عن الامام الرضا سلام الله عليه (أقرب ما يكون العبد من الله عزّ وجلّ وهو ساجد وذلك قوله تبارك وتعالى واسجد واقترب)[7]

ورواه الكليني ايضا وفي سنده ضعف.[8]

والآية من آيات السجدة الواجبة وهي اربع آيات في القرآن الكريم وما عداها في (السجدة: 15 وفصلت: 37 والنجم: 62).

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد واله الطاهرين

 


[1] الصحاح ص 2552 فصل الياء

[2] القصص: 78

[3] الكهف: 63

[4] النساء: 39

[5] القلم: 16

[6] القمر: 44- 45

[7] عيون اخبار الرضا عليه السلام ج1 ص10

[8] الكافي ج3 ص265 باب فضل الصلاة</