مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ...

من هذه الاية يتبين بوضوح ارتباط هذه الآيات بمسالة تغيير القبلة، وأقر بذلك بعض المفسرين؛ ومقدمة لهذا الامر تتعرض الآيات لتكريم سيدنا ابراهيم عليه السلام والتعريف بشخصيته الفذة، باعتبار أنه هو الذي بنى البيت او جدد بناءه، كما تتعرض لتفنيد ما تدعيه الطوائف المختلفة من اليهود والنصارى والمشركين من علاقتهم به عليه السلام، وتبين أن هذه العلاقات لا توجب فخرا وميزة على الآخرين حيث لم يتّبعوا سنته وسيرته.

والظرف في قوله تعالى (واذ ابتلى) يحتمل كونه ظرفا لمقدر اي اذكر...، وعليه فقوله (قال إني جاعلك) استئناف، اذ لم يعطف بواو ولا فاء، ويحتمل كونه ظرفا لقوله (قال اني جاعلك)، اي قال له اني جاعلك للناس اماما حين ابتلائه واتمامه للكلمات، ولعله يفهم منه حينئذ أن جعل الامامة له كان نتيجة اتمامه للكلمات.

ولكن بعض المفسرين رفض ذلك، قال في المنار نقلا عن شيخه (وَلَمْ يَقُلْ فَقَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّ هَذِهِ الْإِمَامَةَ بِمَحْضِ فَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَاصْطِفَائِهِ لَا بِسَبَبِ إِتْمَامِ الْكَلِمَاتِ فَإِنَّ الْإِمَامَةَ هُنَا عِبَارَةٌ عَنِ الرِّسَالَةِ وَهِيَ لَا تُنَالُ بِكَسْبِ الْكَاسِبِ).  

ولكن الصحيح ان ذلك لا ينافي القول بأن كل ما يعطيه الله تعالى لأحد فهو فضل وامتنان وليس على وجه الاستحقاق، فان الآية لا تدل على الاستحقاق على الله تعالى، وانما تدل على لياقته عليه السلام لمنصب الامامة ولا شك ان هذا دخيل في الحكمة الالهية.

والابتلاء: الاختبار. قال في معجم المقاييس (له اصلان أحدهما إخلاق الشيء والثاني نوع من الاختبار)؛ ولكن الراغب في المفردات يرى انهما من باب واحد، قال (بلوته اختبرته كأنّي أخلقته من كثرة اختباري له)، ولا يبعد صحة ما ذكره الراغب.

والابتلاء من الله تعالى يكون بالنعماء والضراء ليتبين كيف يواجه النعمة هل يعمل بواجبه ام لا وكيف يواجه الخسارة هل يصبر ويشكر ام يكفر بربه. قال تعالى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).[1] والاختبار بالنعمة أصعب، وقلّ من يعمل بواجبه تجاه النعم ولكن الانسان يحب هذا الاختبار ولا يحب الاختبار بالشر ولا تهمّه نتيجة الامتحان.

والتعبير بالرب في الآية لعله للاشارة الى أن الابتلاء دخيل في تربية الانسان، فانه انما يتكامل بهذه الاختبارات وليست هذه مجرد كشف عن حقيقته، بل هو السبب في تكامله ورشده، كما أن جسم الانسان ينمو ويتقوى بمواجهة الصعاب والرياضات الصعبة، حتى إن الجراثيم التي تتسبب في الامراض المختلفة توجب ايضا رشد جسمه وتكامله.

ومن جهة اخرى هذه الاختبارات توجب فعلية ما في الانسان من السجايا، وبذلك تترتب عليه الآثار المطلوبة، فالشجاع لا تبرز شجاعته الا إذا استعرت الحرب، والجواد لا يبرز جوده الا إذا جاءه المحتاج وكان ما لديه قليلا يحتاج اليه هو ايضا، والمتورع عن المحارم لا يظهر ورعه الا إذا ابتلي بما يدعوه الى الحرام من مال اوشهوة او جاه او غيرها مما يهواه الانسان.

والثواب لا يترتب على مجرد وجود السجية في الانسان، وان كان مما يمكن ان يمدح به وانما يترتب الثواب على ما يبرز منه من عمل، كما ان الوصول الى مقام القرب لدى الله على اختلاف درجاته لا يحصل ايضا الا بالبروز الفعلي للورع والتقوى.

وربما يبدو من الآية أن هذا الاختبار كان مقدمة لنصبه عليه السلام اماما للناس، وهو مقام عظيم يستوجب كونه اسوة للناس ومعصوما من الخطأ فضلا عن المعاصي، لان الامام هو الذي ينصبه الله تعالى قدوة للناس فاذا كان يخطئ وقعوا في خلاف الحق بأمر من الله تعالى، وهو غير ممكن فالله تعالى لا يأمر بالباطل. وفي الجملة احتمال اخر سيأتي ان شاء الله تعالى.

انما الكلام في الكلمات التي ابتلى الله تعالى عبده ابراهيم عليه السلام بها وقد اختلفوا في بيانها ففي مجمع البيان ما ملخصه:

(قال قتادة وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس أنها عشر خصال كانت فرضا في شرعه سنة في شريعتنا، المضمضة والاستنشاق وفرق الرأس وقص الشارب والسواك في الرأس والختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار والاستنجاء بالماء في البدن؛ وفي الرواية الأخرى عن ابن عباس أنه ابتلاه بثلاثين خصلة من شرائع الإسلام، ثم ذكر آيات لا علاقة لها به عليه السلام الى ان قال وفي رواية ثالثة عن ابن عباس أنه أمره بمناسك الحج؛ وقال الحسن ابتلاه الله بالكوكب والقمر والشمس والختان وبذبح ابنه وبالنار وبالهجرة؛ وقال مجاهد ابتلاه الله بالآيات التي بعدها وهي قوله «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً»؛ وقال أبو علي الجبائي أراد بذلك كلما كلفه من الطاعات العقلية والشرعية).

ولا يبعد حمل الكلمات على الاوامر والنواهي الالهية وإطلاق الكلمة عليها صحيح لا تسامح فيه، لان الكلمة تطلق على الجملة؛ الا ان تفسير هذه الكلمات بما عرف من سنن ابراهيم عليه السلام بعيد جدا فهي ليست مما يبتلى بها الانسان خصوصا مثل ابراهيم عليه السلام.

ولا يبعد حملها على كل ما كلف من الطاعات، ومنها التضحية بابنه اسماعيل عليه السلام حيث ورد فيه قوله تعالى (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ)[2] وكذلك غيرها مما تحمّله في سبيل انذار الناس وارشادهم وفي مقارعته الكفر والشرك وحيدا دون ناصر ومعين.

وقال العلامة قدس سره (المراد بقوله تعالى بِكَلِماتٍ قضايا ابتلي بها وعهود إلهية أريدت منه كابتلائه بالكواكب والأصنام والنار والهجرة وتضحيته بابنه وغير ذلك). ولم يظهر منه حمل الكلمات على خصوص الاوامر والنواهي.

واما قوله تعالى (فاتمهن)، فالمعروف ان ضمير الفاعل يعود الى ابراهيم عليه السلام، ومعنى ذلك أنه أتم الكلمات واتمامها بالعمل بها إذا اريد بها الاوامر والنواهي، كأن الامر والنهي ينقصهما الامتثال اذ لا يفيدان شيئا من المقصود قبل امتثالهما، او يقال بان المراد اتمام عهده عليه السلام فيما يتعلق بهذه الاوامر والنواهي. واما إذا حملت على الابتلاء بما اصيب في سبيل ربه فلا بد من حمل الاتمام على الصبر.

ورجّح العلامة رحمه الله ان يرجع الضمير الى (ربه) ولعله لكونه أقرب لفظا ولا بد من توجيهه بانه تعالى أتمها بتوفيقه لعبده في العمل.

وهنا احتمال آخر في هذه الجملة لم أجد من ذكره ولعله أقرب مما ذكروه، وهو أن يكون المراد بالكلمات ما أنعم الله تعالى به عليه من النبوة والرسالة والخلة والانقاذ من النار والهام الحجة على الاعداء وغيرها، وإطلاق الكلمة على هذه الامور كاطلاقها على سائر ما خلقه الله، فان كل ذلك يتم بكلام منه تعالى او بتقدير. والتقدير ايضا يعبر عنه بالكلمة كما في قوله تعالى (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)[3] وقوله (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).[4] وغير ذلك.

وعليه، فالمراد باتمام الكلمات اتمام تلك النعم والفاعل هو الله تعالى، وقوله (قال...) بيان لما أتم به النعمة عليه ولذلك لم يأت بالعاطف. والحاصل أن معنى الجملة واذ ابتلى ابراهيم ربه بما أنعم عليه من النعم الجليلة فأتم نعمه عليه بجعل الامامة له فقال إني جاعلك للناس اماما.

وفيه تصريح بعظمة هذا المقام وأنه من إتمام النعمة؛ كما ورد في قوله تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي..) بتعيين الامام بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهناك أتم النعمة على ابراهيم عليه السلام، بجعله اماما وهنا على جميع الامة بنصب الامام.

والامام هو المقتدى. قال الخليل في العين (كل من اقتدي به وقُدّم في الامور فهو امام)؛ وفي تهذيب اللغة أن الامام يطلق على الرئيس، كقولك امام المسلمين وعلى الكتاب وعلى الطريق الواضح قال الله تعالى وانهما لبامام مبين، وعلى المثال قال لبيد: ولكل قوم سنّة وامامها. وقال الجوهري في الصحاح (الامام خشبة البنّاء التي يسوّى عليها البناء).

والجعل هنا قد يكون تكوينيا وقد يكون تشريعيا، ومعنى الاول ان الله تعالى يمنحه من المكانة الاجتماعية ما يجعل الناس تقتدي به، وهذا قد حصل له عليه السلام طيلة التاريخ؛ ومعنى الثاني انه تعالى يأمر الناس بأن يقتدوا به، والظاهر أن المراد هنا هو الجعل التشريعي؛ وهذا يظهر بملاحظة كون الامامة عهدا من الله تعالى كما صرحت به الآية.

ولكن ما هو هذا العهد، هل هو نفس النبوة او الرسالة كما جاء في المنار وغيره من تفاسير العامة، ام أنه أمر آخر وراءها؟ ومن الغريب ان من كان يتعمّق في الآيات ويستخرج منها مفاهيم كثيرة تسرّع في تفسير هذه الآية كأنّه يريد التخلّص منها فهي ثقيلة عليه.

ومن يقول بأن المراد بها النبوة، يجب ان يقول بأنه لم يكن نبيا قبل هذا الخطاب، لانه هو المتكفل بجعل النبوة له، على ما يقال في النحو من أن اسم الفاعل اي (جاعلك) لا يعمل إذا كان بمعنى الماضي، وحيث إن قوله (اماما) منصوب بقوله (جاعلك) فهذا يدل على أنه بهذا الخطاب يجعله اماما او يجعله في المستقبل.

والعلامة الطباطبائي قدس سره ردّ عليهم بأن الامامة اعطيت له في اواخر عمره وبعد الرسالة. والدليل عليه قوله وَمِنْ ذُرِّيَّتِي، فإنه قبل مجي‏ء الملائكة ببشارة إسماعيل وإسحاق ما كان يعلم ولا يظن أن سيكون له ذرية من بعده، وقوله ومن ذريتي قول من يعتقد لنفسه ذرية. على أن الاية تدل على أن هذه الإمامة الموهوبة إنما كانت بعد ابتلائه بما ابتلاه الله به من الامتحانات ومنها ذبح إسماعيل عليه السلام وذلك في كبره.

ولكن لا دليل على أن جعل الامامة كان بعد يأسه عليه السلام، فلا مانع من ان يكون قوله ومن ذريتي دعاءا بان يرزقه ذرية وان يجعل فيهم الامامة. واما ان هذا الجعل كان بعد ابتلائه بذبح اسماعيل عليه السلام فيتوقف على تفسير الكلمات بما ابتلاه الله به من الامتحانات ومنها ذبح إسماعيل عليه السلام وهو غير مسلم.

وربما يقال ان الكلمات عبارة عن الاوامر والنواهي، وهذا الامر يدل على انه كان نبيا تنزل عليه الاوامر والنواهي فالامامة غير النبوة.

ويمكن الجواب أولا بأن تفسير الكلمات بها غير مسلم، وثانيا ان ابلاغ الاوامر والنواهي لا يتوقف على النبوة، كما اوحى الله تعالى على مريم وام موسى عليهم السلام، وثالثا أنه يمكن تفسير الامامة بالرسالة وهي فوق النبوة.

ثم إنه قدس سره فسر الإمام بأنه هاد يهدي بأمر ملكوتي يصاحبه، فالإمامة بحسب الباطن نحو ولاية للناس في أعمالهم، وهدايتها إيصالها إياهم إلى المطلوب بأمر الله دون مجرد إراءة الطريق الذي هو شأن النبي والرسول.

وقال (والذي نجده في كلامه تعالى أنه كلما تعرض لمعنى الإمامة تعرض معها للهداية تعرض التفسير..) ثم استدل بقوله تعالى (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا..)[5] وقوله تعالى (وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).[6] لانه تعالى يعرّف الائمة بكونهم يهدون بأمرنا فالامامة ليست الا هذا النوع من الهداية.

وذلك لان هذا الامر في قوله (يهدون بأمرنا) اشارة الى قوله تعالى (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[7] فالامام هو الذي يهدي بامر ملكوتي ويوصل المهدي الى المطلوب بالتصرف في نفسه.

وحاصل كلامه أن الامامة مقام ارفع من النبوة والرسالة، فان الله تعالى خاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ..)[8]، فالنبي بما أنه نبي لا يمكنه الايصال الى المطلوب بخلاف الامام.

ولكننا نجد موارد في القرآن ذكر فيها الامامة من دون هذا التفسير، منها نفس هذه الآية، ومنها قوله تعالى (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)[9]، وايضا قوله (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).[10]

ومن جهة اخرى لا دليل على تفسير الامر في هذه الآية بما ورد في سورة يس، وهو أن المراد به قوله (كن) ليكون ناظرا الى ما في الملكوت فالامر ورد في القرآن في موارد لا يمكن حمله فيها على ذلك كقوله تعالى (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا..).[11] ومن الواضح أن هذا الامر محدود بالزمان والمكان وليس ملكوتيا.

ومثله كثير كقوله تعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ..)[12] وقوله (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ..)[13] وقوله (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ)[14] وغيرها.

وأما أن الامام يوصل الى المطلوب في هدايته فهذا ينافي قوله تعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ..)[15] فان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم امام قطعا والله تعالى نفى عنه الهداية بمعنى الايصال الى المطلوب.

وما ذكره من أن الامامة منصب أعلى من النبوة والرسالة معروف بين العلماء وربما يستند في اثباته الى بعض الروايات، ولكن العلامة حاول اثباته من القرآن بطريقته الخاصة مما لا حاجة الى التعرض له. ويمكن أن يقال إن كل رسول امام لقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ..).[16]

ويلاحظ أن الاعتقاد بأن الائمة عليهم السلام ارفع قدرا من الانبياء لا يلازم كون الامامة منصبا اعلى من النبوة والرسالة، لان رفعة القدر ربما تستند الى امور شخصية وقرب لدى الله تعالى باعمال خاصة، ولذلك نحن نعتقد بأنّ رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم افضل من سائر الانبياء والمرسلين، وكذلك افضلية بعضهم من بعض كما قال تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ..)[17] مع أنهم من حيث النبوة والرسالة في درجة واحدة.

واما النبوّة فان كانت مأخوذة من النَّبْوة بمعنى الرفعة فلا يبعد أن تكون متحدة مع الرسالة باعتبار أن الرسول أرفع مقام في الامة، وان كانت مأخوذة من النبوءة فتكون الصفة نبيء، فان كانت بمعنى اسم الفاعل اي المخبر عن الله تعالى فهو الرسول ايضا، وان كانت بمعنى اسم المفعول اي من يوحى اليه شيء من السماء فربما يصدق على غير الرسول.

واما كون منصب الامامة ارفع من النبوة والرسالة، فلم يظهر من الآية الكريمة الا على الاحتمال الذي ابديناه بأن يكون قوله (فأتمهن) بمعنى اتمام النعمة عليه وأن قوله قال إني جاعلك تفسير للاتمام فتكون الامامة هي النعمة التامة.

ولكن هناك روايات ربما تدل على عكس ما اراده العلامة وما هو مشهور:

روى الكلينى بسند صحيح عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل "وكان رسولا نبيا" ما الرسول وما النبي؟ قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك والرسول الذي يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك قلت: الامام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك..).[18] فيظهر من الحديث أن الرسول منزلته أعلى من النبي والنبي أعلى من الامام. والله العالم.

ومثله ايضا ما رواه بسند صحيح عن الأحول قال (سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرسول والنبي والمحدث قال: الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا فيراه ويكلمه فهذا الرسول وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل عليه السلام من عند الله بالرسالة وكان محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرئيل ويكلمه بها قبلا ومن الأنبياء من جمع له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه من غير أن يكون يرى في اليقظة وأما المحدَّث فهو الذي يحدَّث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه).[19]

وهناك روايات ربما يستدل بها على ان الامامة هي آخر مراحل كمال سيدنا ابراهيم عليه السلام كرواية زيد الشحام قال (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما فلما جمع له الأشياء قال إني جاعلك للناس إماما..)[20] وكذا غيرها من روايات الباب ولكنها باجمعها ضعيفة السند.

ومهما كان، فالظاهر أن ما ورد في القرآن الكريم من ألفاظ النبوة والرسالة والامامة يحمل على معناه اللغوي ولم يثبت أن المراد بها معنى آخر؛ فالنبي هو الذي يُخبَر عن الله او يُخبِر عنه، والرسول هو من يرسله الله تعالى الى قوم لابلاغ رسالته، سواء كان صاحب شريعة كابراهيم عليه السلام، او تابعا لشريعة غيره كلوط عليه السلام، فانه كان رسولا الى قومه ولكنه كان يتبع شريعة ابراهيم عليه السلام.

وأما الامام فهو المقتدى وحيث إن الله تعالى اعتبر الامامة عهدا منه في هذه الاية فالنتيجة انها منصب إلهي، وأنه تعالى يأمر الناس بالاقتداء به، وهذا يستلزم كونه معصوما عن الذنوب وعن الخطأ لان الامر المطلق بالاقتداء من الله تعالى يوجب حجية قوله وفعله وتقريره، فان كان الخطأ محتملا في حقه لم يمكن صدور هذا الامر بقول مطلق من الله تعالى.

ولا يمكن حمل هذا العنوان على النبوة والرسالة، كما في بعض التفاسير لأنّ الامامة معنى آخر وان قلنا بأنها تلازم الرسالة، ولكنها جهة اخرى في الرسول ولذلك يمكن ان يجعلها الله في غير الرسول. ولعل هذا الجعل له عليه السلام كان بسبب رسالته، الا انه تعالى عبّر عنه بالامامة ولا يدل ذلك على وحدة المنصب.

والآية تدل بوضوح على أن الامام يجب أن يكون معصوما ولكن في تقرير ذلك عدة وجوه:

الوجه الاول: ما نقله العلامة عن بعض اساتذته، وهو أن الناس بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام، من كان ظالما في جميع عمره، ومن لم يكن ظالما في جميع عمره، ومن هو ظالم في أول عمره دون آخره، ومن هو بالعكس. وإبراهيم عليه السلام أجل شأنا من أن يسأل الإمامة للقسم الأول والرابع من ذريته فبقي قسمان وقد نفى الله أحدهما وهو الذي يكون ظالما في أول عمره دون آخره فبقي الآخر وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره.

وذكره غيره ايضا، ولكن لقائل ان يقول ان طلبه عليه السلام لم يكن هذا ولا ذاك وانما طلب بصورة جزئية الامامة لبعض ذريته من دون تحديد.

الوجه الثاني: ما ذكره الفخر الرازي وحاصل كلامه أن ظاهر الآية اشتراط الامامة بعدم الظلم ظاهرا وباطنا، ولا يمكن احراز عدم الظلم باطنا الا بالعصمة.

ولكنه أجاب عن ذلك بقوله (قُلْنَا أَمَّا الشِّيعَةُ فَيَسْتَدِلُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِمْ فِي وُجُوبِ الْعِصْمَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ مُقْتَضَى الْآيَةِ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَا اعْتِبَارَ الْبَاطِنِ فَتَبْقَى الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ مُعْتَبَرَةً).[21]   

والجواب غريب، اذ لا دليل على رفع اليد عن مقتضى الآية مع أن ما ذكره هو وغيره من مفسري العامة يبتني على كون الامامة باختيار الناس، ولكن الآية تدل بوضوح على أنها منصب إلهي لأنه تعالى لم يقل لا ينال عهدي الظالمون وانما قال الظالمين، فالآية تفيد أن هذا العهد ليس مما يناله بعض الناس دون بعض لتكون الامامة باختيار من الناس بل هو عهد من الله تعالى ينال بعضا وهم غير الظالمين.

ولذلك اضطروا الى تفسير الامامة في الآية الكريمة بالنبوّة ليصح القول بأنها منصب إلهي، مع أنه لا دليل عليه ولا موجب لرفع اليد عن ظاهر لفظ الامامة، وان كانت ملازمة لجعل الرسالة كما قلنا، ولا مانع من أن يكون هذا الخطاب لجعله رسولا واماما الا أنه تعالى لم يذكر الا جهة الامامة.

الوجه الثالث: أن الظلم في الآية الكريمة يشمل كل معصية، والمراد بهذا العنوان اي الظالم ليس المرتكب للمعصية في وقت ارتكابه، فانه قد يرتكب جناية عظيمة ولكنه لا يستمر عليها بل يرتكبها في وقت قصير لانها لا تاخذ وقتا طويلا كقتل انسان مثلا، فالنتيجة المستفادة من الآية ان الذي يرتكب اي معصية وان تركها بعد ذلك فهو لا يستحق الامامة.

ومثل تلك العناوين التي اخذت في موضوع الحدود والقصاص، فان الزاني وشارب الخمر ونحوهما لا يقام عليهم الحد في ظرف الارتكاب بل بعده بمدة قد تكون طويلة ايضا. ولا تنفع توبته في عدم إجراء الحد، الا بدليل خاص كقوله تعالى في حدّ المحارب (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).[22]

وحيث ان الشرك من اوضح مصاديق الظلم، كما قال تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[23] فالذين عبدوا الصنم قبل اسلامهم لا يحق لهم تقلد منصب الامامة، لو فرض امكان تقلده من دون نصب إلهي.

ولعل قائلا يقول إن الاسلام يجبّ ما قبله، ولا دليل في الآية على شمول الحكم لمن عبد الصنم قبل ظهور الاسلام.

والجواب أن تناسب الحكم والموضوع قرينة واضحة على أن المراد أن من يرتكب ظلما ولو مرة واحدة وفي اي وقت لا يمكن ان يكون اماما، لقداسة هذا المنصب وعظمته حتى لو فرض انه ليس منصبا الهيا فكيف إذا كان عهدا من الله تعالى؟!

ولا يمكن أن يحمل كلامه تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) على من هو ظالم بالفعل، خصوصا إذا قلنا بأن ابراهيم عليه السلام لم ينل الامامة الا بعد النبوة وبعد أن نجح في ابتلائه بالكلمات، بناءا على ما هو المعروف من تفسيرها بالاوامر والنواهي، وكذلك بناءا على ما ذكرنا من احتمال أنها النعم الالهية وأن إتمامها من الله كان بجعل الامامة. ولا شك في أن الله تعالى لا يشرّف أحدا بالنبوة والرسالة إذا كان مشركا او مجرما قبل ذلك، ولذلك كان تعالى يعصم الانبياء والرسل قبل رسالتهم من ارتكاب اي قبيح.

ومما يدل على هذا التناسب بين الحكم والموضوع، أن المتعارف عليه في الدول ملاحظة سوابق الانسان إذا اريد اختياره لمنصب مهم في الحكومة، فلا يعطى ذلك لمن سبق منه الاجرام وان تحسنت سيرته بعد ذلك وأصبح موثقا لدى اولياء الامور.

والذي يتحصل لنا من معنى الآية بمقدار ما يمكننا إدراكه هو:

اولا: ان الامامة غاية ما ينعم الله به على العبد لانه تعالى قال (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس اماما)، وحيث لم يأت بحرف عطف بين الاتمام وجعل الامامة يتبين أن هذا الجعل هو الاتمام، وقلنا ان الاقرب في معنى اتمام الكلمات اتمام النعم عليه، حيث هداه الله ولقّنه الحجة وأنقذه من الكفار وجعل عليه النار بردا وسلاما، ومنحه النبوة ورزقه الذرية الطاهرة واتمّ نعمه بالامامة.

وثانيا: ان الامامة لا تكون الا بجعل من الله تعالى، فهو منصب إلهي ومعنى الامامة هو كونه قدوة وامثولة للناس يتبعون سيرته ويتأسون به، ويكون حجة عليهم امام الله تعالى، وشاهدا على اعمالهم فتقاس اعمالهم بعمله كما يتبين من قوله تعالى (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا).[24]

وثالثا: أنه لا وجه لما ذكره جمع من مفسري العامة من أن المراد بالامامة الرسالة ولا موجب له، وان كان كل رسول اماما الا ان جهة الرسالة فيه غير جهة الامامة ولو اراد ذلك لقال (إني جاعلك او باعثك رسولا او نبيا).

ورابعا: أن الامامة وهي منصب إلهي لا تشمل من أتى باي نوع من انواع الظلم سواء على نفسه او على غيره، فيدل ذلك على اشتراط العصمة في الامامة. وأخطأ من يقول ان الظالم لا يصل الى الامامة او لا يستحقها، بل الاية تقول ان الامامة لا تصل اليه، وهذا هو معنى قوله لا ينال عهدي الظالمين، والا لقال الظالمون فالعهد هو الذي يَنال او لا يَنال.

وبذلك يتبين بوضوح ان الذين عبدوا الصنم وأشركوا بالله في الجاهلية او شربوا الخمر او وأدوا البنات لا يمكن ان تكون لهم الامامة، وليس للناس ان ينتخبوا امامهم بعد ان عين الله تعالى من يستحقها بجدارة.      

 

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى...

اي واذكر اذ جعلنا... وهذه الآية ايضا في سياق التمهيد لتغيير القبلة من بيت المقدس الى الكعبة المعظمة وفي سياق التنبيه على أهمية هذا البيت وأنها أولى بأن تكون قبلة للمصلين. وفيها ايضا تذكير بشخصية ابراهيم عليه السلام.

والبيت مأوى الانسان للبيتوتة فيه، يقال بات في مكان كذا إذا اقام فيه ليله؛ فحيث كان الانسان اينما ذهب لمعاشه يرجع الى مأواه للبيتوتة سمي داره بيتا. والبيت يطلق في لغة العرب على الكعبة المشرفة لانها بيت الله وبيت الناس.

اما أنها بيت الله، لانه تعالى هو الذي أمر ببنائها وبأن يذكر فيها وقد جعلها الله تعالى رمزا لذكره، وجعل فيها الحجر الاسود وهو يمين الله في الارض، فقد روى الكليني قدس سره بسنده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (استلموا الركن فإنه يمين الله في خلقه يصافح بها خلقه..).[25] 

وأما أنها بيت الناس، فلقوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)[26] وذلك لانها بنيت لتكون مثابة للناس وأمنا كما في هذه الآية. والمثابة اسم مكان من الثوب، اي الرجوع بمعنى أن الناس يرجعون اليها ويزورونها كل عام، وقلوبهم مشدودة اليها كما نشعر بها نحن بعد اول زيارة لها زاد الله في شرفها.

ويمكن ان يكون الرجوع باعتبار ان الناس يعودون اليها كل عام، وان لم يعد نفس الاشخاص. وقيل ان المثابة من الثواب بمعنى ان زيارتها توجب استحقاق الثواب ولكن الظاهر هو الاول.

وهي ايضا موضع أمن للناس، كما قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ..).[27] وقال ايضا (وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا..).[28] والجعل هنا اعتباري وتشريعي وليس جعلا تكوينيا فلا ينافي ما مني به الناس في الحرم من الظلم والاعتداء قديما وحديثا. الا ان هذا التشريع قديم جدا، فالحج من أقدم الطقوس الدينية على الارض على ما في الروايات والقرآن يصرح بأن الله تعالى أمر به ابراهيم عليه السلام، كما قال (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).[29]

كما أن تحريم الحرب في الحرم من الاحكام القديمة التي كان العرب ملتزمین بها، فما كانوا يهجمون على اهل مكة مع ان الاغارة والحرب من عاداتهم وسننهم، بل كانت الحرب والاغارة واخذ الغنائم وسيلة ارتزاق اكثرهم كما اشار اليه تعالى في الاية المذكورة آنفا (ويتخطف الناس من حولهم). ومع ذلك فكانوا يحترمون الكعبة والحرم ولا يعتدون على أحد إذا استجار بها حتى لو وجد الموتور قاتل ابيه هناك لم يتعرض له بسوء.

وكما أن تحريم الحرب في الاشهر الخاصة بالحج ذهابا وايابا الى مكة من مختلف مناطق الجزيرة العربية اي ذي القعدة وذي الحجة والمحرم من السنن القديمة أيضا التي كان العرب ملتزمين بها، وجعل شهر من الاشهر الحرم للعمرة، وهو شهر رجب فكانوا يمتنعون من الحرب في هذه الاشهر احتراما للكعبة المعظمة. والقرآن يصرح بأن هذا التشريع من بدو الخلقة، قال تعالى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ..).[30]

وقوله (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلّى) عطف على جعلنا البيت مثابة. وهنا اشكال نحوي من جهة عطف الجملة الانشائية اي الامر على الجملة الخبرية.  ويمكن ان يقال ان الجعل في قوله (وجعلنا البيت..) اعتباري تشريعي كما مر، فهو يحكي عن جعل انشائي يتضمن امرا باتخاذ البيت مثابة اي محلا للحج كل عام، ونهيا لما ينافي امن الحرم فلا مانع من عطف (واتخذوا) عليه.

ويمكن العكس بان يقدر في هذه الجملة ما يجعله خبرا، اي وقلنا للناس اتخذوا من مقام ابراهيم مصلى. وقرئت الآية (واتّخَذوا..) وعليه فالجملة خبرية اساسا. و(من) للتبعيض اي اجعلوا بعض المقام مصلى لكم.

والمقام اسم مكان من القيام، والمصلّى ايضا اسم مكان من الصلاة وقيل من الدعاء، باعتبار ان المعنى اللغوي للصلاة هو الدعاء، ولكن الظاهر أن الصلاة اسم لهذه الشعيرة الخاصة التي تختلف طقوسها حسب اختلاف الشرائع، وان وردت في اللغة بمعنى الدعاء او الرحمة من الله ايضا.

واختلفوا في المراد بالمقام؛ فقيل الحرم كله، وقيل المسجد الحرام، وقيل الحج كله، وقيل عرفة، ونحوذلك؛ والظاهر انه الحَجَر المعروف باسم مقام ابراهيم وان تبدل أصله والظاهر انه في الاصل كان سيدنا ابراهيم عليه السلام يقف عليه ليبني الكعبة، وقيل فيه غير ذلك مما لا دليل عليه. ويقال انه كان بجانب الكعبة الى ان غيره عمر ايام خلافته ووضعه في هذا المكان.

ومهما كان، فالمراد باتخاذ هذا الحجر مصلى هو أن يصلى عنده، ولذلك ورد الامر في الروايات باتيان صلاة الطواف خلف مقام ابراهيم وعنده.

ومن طريف ما يروى في هذا الموضع ما روي في اكثر التفاسير وكتب الحديث ونحن نرويه عن البخاري، فقد روى بسنده (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاَثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ، وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ"[31]

وأغرب منه ما في روح المعاني قال (وسبب النزول ما أخرجه أبو نعيم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أخذ بيد عمر رضي الله تعالى عنه فقال: يا عمر هذا مقام إبراهيم فقال عمر: أفلا نتخذه مصلّى فقال: لم أؤمر بذلك فلم تغب الشمس حتى نزلت هذه الآية).

وهناك احاديث اخرى ايضا في هذا الباب في صحاح القوم مما يدلّ على أن الخليفة كان أقرب الى الله تعالى والى تشريع السماء من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بل كان أعلم بما يجب او ينبغي ان يشرّع من الله تعالى او كان أعلم منه تعالى على الاقل بالتوقيت المناسب للتشريع.

 

وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ...

عهد اليه اي اوصاه بان يفعل كذا وفسره في الميزان بالامر والظاهر أنه أقوى من الامر ففيه شيء من التأكيد. و(أن) يمكن أن تكون مفسرة للعهد، ويمكن ان تكون مصدرية مع تقدير الباء.

والتطهير إزالة الدنس، ويشمل كل ما لا يناسب البيت من الملوّثات الظاهرية والارجاس المعنوية، فالمأمور به هو تطهير البيت من كل ما يلوّثه من القاذورات والنجاسات وإبعادها عن كل ما يوجب هتكه وما لا يناسب مكانته المعنوية من الاصنام وغيرها كآلات اللهو والقمار والخمر ونحو ذلك.

وتدل الآية على وجوب رعاية هذا التطهير على جميع الناس، بل وجوب تطهير البيت عن الاوساخ والقذارات، اذ لا يمكن أن يؤمر النبيان عليهما السلام بالتطهير ويسمح لغيرهما بالتدنيس او بعدم ازالة الدنس الحادث.

وقد استدل بها الامام على ذلك في رواية صحيحة رواها الصدوق بسنده عن الحلبي، قال (سألت أبا عبد الله عليه السلام أتغتسل النساء إذا أتين البيت؟ قال نعم ان الله عز وجل يقول (ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود) فينبغي للعبد أن لا يدخل إلا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر).[32]

ومع أنه تعالى وصف البيت بأنه وضع للناس وأنه مثابة لهم، وصفه هنا بأنه بيتي واضافه الى نفسه اضافة تشريف، لأن المناسب للزوم التطهير والتقديس هو انتسابه اليه تعالى لا الى الناس.

واللام في قوله (للطائفين) للتعليل اي من اجلهم، ومعناه انه يجب التطهير والتنظيف من اجل الطواف والاعتكاف والصلاة. والطواف دوران الشيء على الشيء، كما في معجم المقاييس ويطلق في الشرع على عمل معروف، وهو الدوران حول الكعبة وهو من السنن الباقية من عهد ابراهيم عليه السلام وكان العرب يعرفونه قبل الاسلام.

والعاكفين من العَكْف والعُكوف، وهناك اختلاف في كتب اللغة في معناه، ففي الصحاح ومعجم المقاييس انه بمعنى الحبس ومنه قوله تعالى (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ..)[33]، اي محبوسا. ويطلق في الشرع الاعتكاف على حبس الانسان نفسه في المسجد للعبادة. والعكف والاعتكاف واحد وعليه فالمراد بالعاكفين المعتكفون.

وفي الجمهرة انه بمعنى الاقامة في المكان، ومنه قوله تعالى (سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ)[34] ولكن لا يمكن حمل العكف في هذه الاية على هذا المعنى، اذ لا علاقة للمقيم في البلد بطهارة البيت ولا يقيم أحد في البيت بل ولا عنده.

وفي العين انه اقبالك على الشيء لا تصرف عنه وجهك، ومنه قوله تعالى (وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا..)[35]، فاذا اريد به هذا المعنى في هذه الآية فالمراد المتوجهون الى الله تعالى حول الكعبة يدعون ويتضرعون.

ولعل هذا الاخير هو الاصح بملاحظة قوله تعالى (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)[36] لاستبعاد تعدد الخطاب، فالمراد بالعاكفين هنا هم القائمون. ويبعد ايضا حمله على الصلاة – كما قاله بعضهم – وان كان القيام جزءا منها كالركوع والسجود، الا ان وحدة الخطاب ينافي ذلك لاستلزامه حذف العاكفين في هذا النقل.

ومن جهة اخرى فان حمل العكوف على الاعتكاف المصطلح بعيد ايضا لعدم تعارفه في ذلك الزمان، مع انه لا يناسب معنى القيام في آية الحج فالاولى حمل العكوف هنا على التوجه الى الله تعالى بالدعاء والتضرع وهو يناسب التعبير بالقيام في آية الحج. 

ولعل قائلا يقول لا يبعد تعدد الخطاب لان الامر هنا موجه الى الرسولين عليهما السلام وهناك الى ابراهيم وحده.

ولكن الظاهر أن الامر في الواقع موجّه الى ابراهيم عليه السلام، واسماعيل كان تبعا له ومساعدا وانما، اهتمّ بذكره في هذه الآيات لأنّها موجّهة الى اليهود، فأراد تنبيههم على علو مقامه وعلى أن هذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من ذريته.  

والركّع جمع راكع. والركوع: الانحناء كما في الصحاح ومعجم المقاييس والمفردات. وفي الجمهرة أن الراكع الذي يكبو على وجهه. والسّجود جمع ساجد ومثله سُجّد. والسجود فُسّر في الجمهرة بإدامة النظر في إطراق الى الارض وفي المعجم والمفردات بانه مطلق التذلل. والمراد بالوصفين هنا المصلون ولذلك لم يأت بواو العطف بينهما.

 

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا...

اي واذكر اذ قال ابراهيم... والآية أتت في نفس السياق ولنفس الغرض، اي التمهيد لتغيير القبلة والتنبيه على الاهتمام بشخصية سيدنا ابراهيم عليه السلام. وقد تكرر في القرآن حكاية دعائه عليه السلام لجعل مكة بلدا آمنا.

وهذا يختلف عن الامان المذكور في الآية السابقة، فانه مما جعله الله تعالى للكعبة المعظمة وهنا يدعو ابراهيم عليه السلام الامان لجميع البلد. واسم الاشارة يشير به الى البلد، اي اجعل هذا البلد بلدا آمنا.

والبلد على ما في كتاب العين (كل مستحيز من الارض عامر او غير عامر خال او مسكون). وعليه فدعاؤه عليه السلام قد يكون لنفس المنطقة وان لم تكن عامرة. ولكن بعض المفسرين اعتبروا الدعاء شاملا لامرين، الاول ان يوجد بلد هناك، والثاني ان يكون البلد آمنا. وهذا التفسير يبتني على ان يكون معنى البلد المكان المعمور، كما ورد في المفردات حيث فسره بانه (المكان المحيط المحدود المتأثر باجتماع قطّانه وإقامتهم فيه).

هذا مع ان هذا الدعاء بعينه ورد في مورد اخر في الكتاب العزيز بصورة اخرى حيث قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا)[37] مما يدل على انه كان بلدا آنذاك. ولعله كان عامرا ايضا، وانما استفاد بعضهم أن المكان كان قفرا لما ورد في قوله عليه السلام بعد ذلك (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ).[38] ولكن هذا لا يدل على عدم وجود عمران هناك.

والآمن بمعنى كونه واجدا للامن كما في قوله تعالى (عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ)[39] او باعتبار أنّ اهلها آمنون. والمراد الأمن من جهة التشريع. وعلى ذلك حرّم الله تعالى الحرب في تلك المنطقة كما مرّ الكلام حوله فتحقّق لها أمن نسبي تكوينا ايضا وان اعتدى بعض المجرمين على البيت وعلى الحرم وعلى الناس والحجاج فيه.

ولكن قيل بأنّ المراد الأمن من الزلازل والخسف ونحو ذلك، لا الأمن من عدوان الناس. وهذا غير صحيح؛ اولا لحدوث السيل فيه مرارا وثانيا لقوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ..)[40] وهذا يدل بوضوح على ان المراد الامن من جهة عدم هجوم المعتدين عليهم وهو حاصل نسبيا. وليس المراد الامان المطلق، والقرآن لا ينفي وجود بعض العدوان كما قال تعالى (وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ).[41]

فيظهر من هذه الآية أن الظلم يقع هناك، ولكن الله تعالى يحذّر الظالم بعذاب اليم كما يظهر من قوله فيها (جعلناه للناس سواءً) أنه جعل تشريعي، وليس أمنا تكوينيا بحيث لا يمكن الاعتداء او لا يحدث هناك ما يوجب الهلاك كالزلازل ونحوها. والاعتداء على البيت وعلى الناس حوله مستمر طيلة التاريخ الى عصرنا هذا.   

 

وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ...

وهذا ايضا دعاء منه عليه السلام لاهل هذا البلد ان يكونوا في رغد عيش، وهو يعلم أنّ البلد إذا كان آمنا وكان العيش فيه رغيدا فان الناس يتسابقون للاقامة هناك. وكان هذا هدفه عليه السلام من هذا الدعاء لكي يكون البيت المعظم مزارا وقبلة ورمزا للتوحيد الذي هو هاجسه الاول واهتمامه الاساس في كل حياته الشريفة سلام الله عليه.

ولكنه خصّ الدعاء بالرزق بمن آمن بالله واليوم الآخر فقوله (من آمن..) بدل عن (اهله)، ولعله عليه السلام راى في ذلك تشريفا خاصا فلم يره مناسبا لغير المؤمن خصوصا أنه طلب ان يكون الرزق شاملا للثمرات كلها من دون تقييد بما هو ضروري للحياة.

والثمر وان كان معناه المتبادر ما يؤكل من حمل الشجر، الا انه يطلق كثيرا على انواع المال كما في العين، والظاهر أنه المراد هنا بقرينة قوله تعالى (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا..)[42]، ولذلك اعتبره ابراهيم عليه السلام لطفا خاصا لا يليق بالكافرين وان كانوا من ذريته.

وقيل ان تخصيصه بالدعاء للمؤمنين كان تأدّبا منه، لانه رأى أنه تعالى لم يقبل منه تعميم الدعاء في قوله (ومن ذريتي) حيث دعا لهم بالامامة.

وهو غير صحيح لانه لم يدع لذريته بالعموم وهو غير معقول اساسا بل انما يكون بعضهم اماما وبعضهم ماموما، واما التخصيص الوارد في جوابه تعالى فليس ردّا على ابراهيم عليه السلام بل توضيح له بأن هذا العهد لا ينال الا المعصومين. واما هنا فقد تبين وجه تخصيصه.

 

قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ...

يتبين من حرف العطف في قوله (ومن كفر) انه تعالى استجاب دعاءه عليه السلام السابق ومنه تخصيص الرزق بالذين آمنوا، فلا يصح ما قاله كثير من المفسرين من أن هذا ردّ على طلبه عليه السلام التخصيص بالمؤمنين حيث قال تعالى (فامتعه قليلا)، وفهموا منه أن رزق الدنيا لا يختص بالمؤمن كما قال تعالى (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا).[43]

والظاهر كما قلنا أنه عليه السلام أراد تشريف المؤمنين باختصاصهم بالرزق من كل الثمرات، ولم يدع بنفي الرزق العام عن الكافر، فارتضاه ربه وأضاف أن الكافر منهم يمتّعه قليلا في الدنيا وهو رزق قليل ومتاع زائل ثم يضطره الى عذاب النار. والتمتيع من المتاع وهو ما ينتفع به زمانا وينتهي. والاضطرار حمل الانسان على ما يضرّه كما في المفردات.

 


[1] الانبياء : 35

[2] الصافات : 106

[3] يونس : 19

[4] هود : 119

[5] الانبياء : 72 – 73

[6] السجدة : 23 – 24

[7] يس : 82 – 83

[8] القصص : 56

[9] القصص : 5

[10] الفرقان : 74

[11] يونس : 24

[12] هود : 40

[13] هود : 58

[14] سبأ : 12

[15] القصص : 56

[16] النساء : 64

[17] البقرة : 2353

[18] الكافي ج1 ص 176 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدَّث ح1

[19] نفس المصدر ح3

[20] الكافي ج1 ص175 باب طبقات الانبياء والرسل ح2

[21] مفاتيح الغيب ج4 ص 38 على ما في المكتبة الشاملة

[22] المائدة : 34

[23] لقمان : 13

[24] الاسراء : 71

[25] الكافي ج4 ص 406 باب المزاحمة على الحجر الاسود

[26] ال عمران : 96

[27] العنكبوت : 67

[28] ال عمران : 97

[29] الحج : 27

[30] التوبة : 36

[31] صحيح البخاري ج 1 ص 89 باب ما جاء في القبلة على ما في المكتبة الشاملة

[32] علل الشرايع ج2 ص 411

[33] الفتح : 25

[34] الحج : 25

[35] طه : 97

[36] الحج : 26

[37] ابراهيم : 36

[38] ابراهيم : 37

[39] القارعة : 7

[40] العنكبوت : 67

[41] الحج : 25

[42] القصص : 57

[43] الاسراء : 20