مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا... في هذه الآية وتاليتها حكاية كلام الجن او ــ بالأحرى ــ بيان ما يجول في أذهانهم ممّا يبيّن حالتهم السابقة في الكون وارتباطهم بعالم الغيب وما طرأ عليهم بعد بعثة الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم.

وهذا يدلّ على صحة ما ورد في بعض الروايات من أنّهم كانوا قبل بعثة الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم يتنصتون الى أخبار السماء وينقلونها الى الكهنة والعرّافين ثم مُنِعوا من الوصول الى السماء فعلموا أنّه قد حدث أمر جديد في الكون يستدعي هذا التحوّل وأنّهم جدّوا في البحث عن السبب ولعلّ هؤلاء النفر انما أتوا بهذا الصدد الى الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم واستمعوا الى القرآن.

ولمس السماء يقصد به البحث عن إمكان الوصول اليها ومعرفة ما يدور فيها بدقّة وإصرار فإنّ اللمس أقوى الحواسّ وأقربها الى المحسوس وأبعدها عن الخطأ فاستعير به للتعبير عن البحث الكامل الدقيق.

والمراد بالسماء عالم الملائكة ولا نعلم كيف كانوا يحاولون الوصول اليها كما لا نعلم حقيقتهم وقدراتهم ولكن الآيات التي تدلّ على وجود ابليس بين الملائكة وتوجّه الأمر اليه بالسجود لآدم عليه السلام مع أنّه كان خاصّا بالملائكة ينبئ عن تمكّن الجن ــ وابليس منهم ــ من الولوج في ذلك العالم والارتباط بالملائكة.

ومهما كان ففي هذه الآية يخبر الجنّ عن عدم تمكّنهم من الارتباط بالسماء لأنّها ملئت حرسا شديدا وشهبا. والحرس اسم جمع وهو مفرد بمعنى الحُرّاس ولذلك وصف بالمفرد ولو كان جمعا لوصف بالشِّداد والمراد بهم الملائكة وهم شِداد لانهم يفعلون ما يؤمرون واللّه تعالى خلقهم أقوياء على ما يؤمرون به.

والشُّهب جمع شِهاب وهو ما يُشاهَد من النور الساطع جَرّاء سقوط حجر من الكواكب في الغلاف الجوي واصطدامه بالهواء ممّا يؤدّي إلى ارتفاع حرارته وتلاشيه في الجو بعد أن تظهر بشكل قطعة نار هابطة. وهذا أمر طبيعي كان ولا يزال فلا يمكن أن يفسّر به ما قصده الجنّ من الشهب التي تمنعهم بل تفتك بهم اذا حاولوا الاقتراب من السماء بعد البعثة الشريفة. وسيأتي الكلام حولها ان شاء اللّه تعالى.

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا... يظهر من هذا الكلام أنّ الجنّ كانوا يتمكنون من الوصول الى السماء في ما سبق وما كانوا يُمنعون بل يَقعدون مقاعدَ من السماء اي يحجزون لهم مواضع منها ويجلسون مطمئنين ويستمعون الى الملائكة وما يدور بينهم من الاخبار وحوادث المستقبل.

و(مقاعد) جمع مقعد اسم مكان وهو ظرف للقعود. وقوله (منها) اي من السماء متعلق بالمقاعد لا بالقعود كما هو واضح.

والرصَد مصدر بمعنى اسم الفاعل ومعناه المراقبة اي شهابا راصِدا مراقِبا له فيُرمى به. ومعنى ذلك أنّ الشهب الراصدة تنتظر اقتراب أحد منهم لتُرمى به والرماة الملائكة وهم الراصدون واقعا وانما اُسند الرصد والمراقبة الى الشهاب مجازا.

 

ويتبيّن من الآية الكريمة أنّهم مُنعوا بعد البعثة النبوية الشريفة وأنّهم اذا ذهبوا للاستماع يُرمَون بالشهب. ويبدو أنّ هذا هو مصدر الكهانة في قديم الايام حيث كان الناس يعتمدون عليها في معرفة ما هو غائب عنهم كما هو محكي في قصص العرب وتاريخهم.

وقد ورد في بعض الروايات أنّ الجن كانوا يَتلقّون بعض الاخبار من السماء ولكن لا يستوعبونها بدقّة فكانوا يخبرون الكهنة بها مع أخطائهم او أنّهم كانوا يضيفون عليها من انفسهم كذبا لخبثهم الذاتي او استنباطا كما يفعله بعض البشر الناقلين للاخبار والتواريخ.

روى الطبرسي في الاحتجاج قال: (وعن ابي عبداللّه عليه السلام ــ في حديث طويل ــ واما أخبار السماء فإنّ الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك وهي لا تُحجب ولا تُرجم بالنجوم وانما مُنعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السماء ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن اللّه لإثبات الحجة ونفي الشبهة وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء ويلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن اللّه من خبر السماء بما يحدث من اللّه في خلقه فيختطفها ثم يهبط بها الى الأرض فيقذفها الى الكاهن فاذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحق بالباطل فما أصاب الكاهن من خبر مما كان يخبر به فهو مما أدّاه اليه شيطانه مما سمعه وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه فمذ مُنعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة.

فقال (اي السائل): كيف صعدت الشياطين الى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود عليهما السلام من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟ قال: غُلِّظوا لسليمان لمّا سُخِّروا وهم خلق رقيق غذاءهم التنسّم والدليل على ذلك صعودهم الى السماء لاستراق السمع ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء اليه الا بسلّم أو بسبب).

ويتبين من الحديث المذكور أن السر في منعهم من الاستماع هو احتمال اشتباه أخبارهم بما يخبره الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم عن الغيب فيشتبه الامر على الناس وتضعف الحجة عليهم فهذا المنع من باب اللطف بالناس في عصر نزول الرحمة الالهية الواسعة وتجسّدها في الذات المقدسة النبوية ولذلك اختص منعهم بعصر بعثته الشريفة مع أنّ الوحي والرسالة سابقان ولم تُمنع الشياطين في عهد الرسل السابقين فهذا ايضا مما أكرم اللّه تعالى به محمدا صلى اللّه عليه وآله وسلّم وأنعم به على امته.

وقد ورد ذكر الشهب ورمي الشياطين بها في موارد عديدة من الكتاب العزيز منها قوله تعالى (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) والخطف هو الاختلاس بسرعة.

ويظهر من ذلك أنّ من الشياطين من يبلغ به الغباء أنه يحاول بعد المنع اختلاس الخبر من السماء ليبلغ به الارض فهو يقاوم إرادة اللّه تعالى عن علم. ويمكن أن يكون ذلك مما جُبِلت عليه نفوسهم فهم يحبّون الاستخبار من السماء لسبق علاقتهم بها فما يكون من الملائكة الا أن يقذفوهم بشهاب ثاقب اي نافذ في ما يصيبه.

وظاهر الآيات انّ الملائكة ترمي الشياطين بالشهب الثاقبة فتهلكها وأنّ هذه الشهب من هذه الكواكب والنجوم.

وقد اختلف المفسرون في توجيه هذا الامر حيث يُستبعد كون هذه الكواكب والنجوم شهبا تُرمى بها الجن فانه أمر مخالف لما هو معلوم ومشهود حتى قبل الاكتشافات الحديثة فذهب بعض المفسرين الى لزوم الاخذ بهذا الظاهر وان كنّا لا نعلم حقيقة الحال.

وهذا لا باس به في حد ذاته وهناك كثير من الحقائق الكونية لم تكشف بعد للبشر وربما لا تنكشف أبدا. والآيات لا تدل على انّ كل ما يرى في السماء من نجوم وكواكب رجوم للشياطين وانما تدل على انّ بعضها تستخدم لرجمها وهذا لا دليل على بطلانه حتى يستبعد او يستغرب ونحن لا نعلم حقيقة الشياطين وكيفية خلقها وأنها بأيّ شيء تندحر فربما يكون في هذه الكواكب اشعّة ثاقبة تدحرها.

وذهب العلامة الطباطبائي رحمه اللّه الى أنّ هذه التعابير كلها كناية عن امر غير محسوس فهي كالفاظ العرش والكرسي واللوح ونحوها وانما تشير الى حقيقة غير محسوسة وهي دحر الملائكة الشياطين عن عالم الملكوت الذي ليس هو من العالم المحسوس بوسائل تناسب ذلك العالم والداحر والمدحور.

قال قدس سره في تفسير قوله تعالى (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) (ويحتمل ــ واللّه العالم ــ أن هذه البيانات في كلامه تعالى من قبيل الأمثال المضروبة تُصوّر بها الحقائق الخارجة عن الحسّ في صورة المحسوس لتقريبها من الحس... وعلى هذا يكون المراد من السماء التي تسكنها الملائكة عالما ملكوتيا ذا أفق أعلى نسبته إلى هذا العالم المشهود نسبة السماء المحسوسة بأجرامها إلى الأرض والمراد باقتراب الشياطين من السماء واستراقهم السمع وقذفهم بالشهب اقترابهم من عالم الملائكة للاطّلاع على أسرار الخلقة والحوادث المستقبلة ورميهم بما لا يطيقونه من نور الملكوت أو كرّتهم على الحقّ لتلبيسه ورمي الملائكة إياهم بالحق الذي يبطل أباطيلهم وإيراده تعالى قصة استراق الشياطين للسمع ورميهم بالشهب عقيب الإقسام بملائكة الوحي وحفظهم إياه عن مداخلة الشياطين لا يخلو من تأييد لما ذكرناه والله أعلم).

وما ذكره قدس سره هو الصحيح اذ لا شكّ في أنّ الملائكة ليسوا من هذا العالم المحسوس اي الاجسام المتزاحمة فكذلك الشهب. ويدلّ على ذلك أنّ الظاهر من قوله تعالى (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَديداً وَشُهُباً) أنّ الشهب حالها حال الحرس وكذلك السماء فليس المراد بها هذه الاجرام العلوية اذ ليست هي مساكن الملائكة ولا مهابط الوحي ولا مصادره وانما السماء بمعنى العالم العلوي الخارج عن نطاق الطبيعة فهي مسكن الملائكة ومجمعها فالشياطين تحاول الاقتراب منها وليس هذا اقترابا جسميا ولا صعودا فلكيا ولا قطع مسافة حسّية بل هو نوع خاص من الارتباط الغيبي.

والشهب ايضا ليست شعلا من النار وليس المقصود هذه الاجرام المضيئة المعروفة التي نعبّر عنها بالشهب. والدليل على ذلك أنّ هذه الشهب كانت تنزل على الارض دائما فهي صخور سابحة في الفضاء تدخل المجال الجوّي وتشتعل بفعل الاحتكاك بالجو وهذا أمر طبيعي لا علاقة له بالوحي وزمان نزوله ولم يكن شيئا حادثا في عصر الرسالة.

ولا شك في أنّ هذا مما كان يحسّ به الناس كلهم قبل نزول الوحي فكيف تنزل الآية وتقول (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) مما يدلّ على أنّه أمر حدث في ذلك العصر؟!

وأمّا ما ذكره قدس سره اخيرا من احتمال كون المراد بصعود الشياطين الى السماء كرّتهم على الحق لتلبيسه ورمي الملائكة إياهم بالحق الذي يبطل أباطيلهم فالمراد أنهم كانوا يحاولون التأثير على الوحي النازل من السماء وأنّ الملائكة يمنعونهم من ذلك.

وهذا قد يكون للردّ على توهم المشركين حيث كانوا يبدون هذا الاحتمال للتشكيك في الوحي النازل على الرسول صلى الله عليه واله وسلم. وقد تكرر في القرآن الكريم الردّ عليهم بذلك كقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وقوله تعالى (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ). ونحوهما وأما أنّ الشياطين كانوا يحاولون التأثير في الوحي فتمنعهم الملائكة فالظاهر أنه هو المراد من قوله تعالى (فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا).

وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا... (من في الارض) يشمل الجنّ والانس. والرَّشَد والرُّشد: الهداية الى الخير. والجنّ تبدي في هذه الجملة جهلها بما سيحدث في الكون.

والمعروف بين المفسرين أنّ إبداء هذا الجهل مترتّب على منعهم من الاقتراب من السماء وعالم الملائكة. وعليه ففي ذلك احتمالان:

الاول: أنّهم يقصدون بذلك جهلهم بما سيحدث في المستقبل نتيجة هذا المنع لأنّهم كانوا ــ كما يظنون ــ يعلمون بمستقبل الارض من خير وشر نتيجة استعلامهم من السماء واستراقهم للسمع عما يحدث بين الملائكة فحيث منعوا من ذلك اصبحوا لا يعلمون.

الثاني: أنهم يقصدون بذلك أنّ هذا المنع بالذات يدلّ على تحوّل عظيم في الكون فيبدون جهلهم بحقيقة هذا التحوّل وأنّ اللّه تعالى منعهم من الاستعلام لانه يريد شرا بأهل الارض ام انه منعهم لأنهم يُضلّون الثقلين بأخبارهم واللّه تعالى يريد هداية الخلق فمنعهم لئلا تقوى وسائل الاضلال لديهم.

وبناءا على ما ذكره المفسرون فالاحتمال الثاني أقوى لأنه قابل الشر بالهداية لا الخير مع أنه هو ما يقابل به الشر.

ولكن الظاهر أنّهم لا يقصدون بذلك بيان حالهم نتيجة ذلك المنع لأنّ هذه الجمل انما قالوها او تبنّوا مضمونها بعد الايمان فهم يعلمون الآن أنّ اللّه تعالى أراد بمن في الارض الهداية ولكنهم نتيجة لهذا الايمان يظهرون جهلهم بما سيحدث في الكون فيسلبون من أنفسهم دعوى علم الغيب كما كانوا يظنون سابقا فلا يعلمون أنّ اللّه تعالى يريد مجازاة من في الارض من الجن والانس نتيجة شركهم وكفرهم ام انه يريد هدايتهم وبالتالي يدفع عنهم الشر في الآخرة ويدخلهم الجنة. وبذلك يتبين وجه مقابلة الشر بالهداية فانها هي التي تستتبع الخير الحقيقي يوم القيامة.

ومن أدب التعبير أن الرشد نسب الى ارادته تعالى دون الشر فلم ينسب اليه بل اُتي بارادته مبنيا للمجهول حيث قال تعالى (اُريد) مع أن كل شيء منه تعالى وان كان كل ما يسند اليه تعالى من حيث الاستناد اليه وبملاحظة الحكمة في الكون باجمعه خير محض وانما يوصف بالشر نظرا الى المقاصد الشخصية. وهذا الادب من تعبير القرآن واستناده الى الجنّ غير معلوم.

وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا... يحتمل أن تكون هذه الجملة ايضا مترتبة على الجملة السابقة وذلك من جهة أنّهم حيث اعترفوا بأنّ المنع قد يكون بسبب إضلالهم للناس أرادوا في هذه الجملة أن يبيّنوا اختلافهم في دواعي الخير والشر.

وعليه فالمراد بالصلاح قبولهم التامّ للهداية فلا يمكن أن يدخلوا في قائمة المضلّين والشياطين ولكن هناك طائفة من الجنّ ليسوا كذلك فهم دون مقام الصلاح. و(دون) بمعنى الاقل رتبة من الصلاح التام ففيهم من يقبل قسطا من الهداية وفيهم من يبلغ غاية الخبث والإغواء وإرادة الشر في الارض وفيهم المتوسطون، كما هو الحال في البشر.

والطرائق جمع طريقة إمّا بتقدير المضاف اي اصحاب طرائق او من باب المبالغة فكأنّهم بأنفسهم طرائق. والقدد جمع قِدّة اي القطعة من الشيء المقطوع طولا يقال قدّه قدّا اي قطعه طولا والمراد أنّ كل طائفة منهم لها طريقة خاصّة بها لا تشترك مع غيرها في شيء فهم في غاية الاختلاف والتنافر.

ولعلّ الغرض من هذا البيان التأكيد على أنّ الجنّ ليسوا كلّهم من قبيل الشياطين بزعامة ابليس حيث لا يريدون الا الفساد والشر بل فيهم من هو صالح تماما وفيهم من يقلّ ضرره وشرّه كما نجد نفس الاقسام في البشر.<