سورة الليل مدنية على ما يبدو من سياقها ومضمونها فانها تؤكّد على وجوب الزكاة وتحذّر من تركها وهي مما شرع في المدينة وان احتمل ارادة الزكاة بالمعنى العام الا ان التاكيد يناسب الزكاة الواجبة.
مضافا الى أن الحثّ على إعطاء المال في سبيل الله تعالى لا يناسب الا مجتمع المدينة حيث كان للمسلمين اموال تمكنهم مساعدة الفقراء بها وكانت هناك حاجة ماسّة الى صرف المال فالرسول صلى الله عليه واله وسلم أسّس دولة هناك ومجتمعا مستقلا وكان محاصرا بالاعداء ومهددا بغزوهم واعتدائهم ومن هنا فان الآيات التي تحث على الاعطاء في سبيل الله تعالى اكثرها او كلها مدنية.
واقوى دليل على ذلك روايات ائمة اهل البيت عليهم السلام التي تدل على انها نزلت بالمدينة وفيها ما هو معتبر ظاهرا فلا يصغى الى قول من قال انها مكية وان اشتهر ذلك بين المفسرين وانما نسبوا القول بكونها مدنية الى بعضهم وهم ايضا رووا رواية ابي الدحداح الواردة عن طرقنا ولكنهم أصرّوا على ان تكون نازلة في مكة بشأن ابي بكر.
روى الكليني بسنده عن ابي جعفر عليه السلام قال (مرّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برجل يغرس غرسا في حائط له فوقف عليه وقال ألا أدلك على غرس أثبت أصلا وأسرع إيناعا وأطيب ثمرا وأبقى؟ قال بلى فدلني يا رسول الله فقال اذا اصبحت وامسيت فقل سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر فان لك ان قلته بكل تسبيحة عشر شجرات في الجنة من انواع الفاكهة وهن من الباقيات الصالحات قال فقال الرجل فاني اشهدك يا رسول الله ان حائطي هذا صدقة مقبوضة على فقراء المسلمين اهل الصدقة فانزل الله عز وجل آيات من القرآن... فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى)[1]
وروى الحميري بسنده عن الامام الرضا عليه السلام (ان رجلا من الانصار كان لرجل في حائطه نخلة وكان يضرّ به فشكا ذلك الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فدعاه فقال اعطني نخلتك بنخلة في الجنة فابى فبلغ ذلك رجلا من الانصار يكنى ابا الدحداح فجاء الى صاحب النخلة فقال بعني نخلتك بحائطي فباعه فجاء الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال يا رسول الله قد اشتريت نخلة فلان بحائطي قال فقال له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلك بدلها نخلة في الجنة فانزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه واله وسلم «وما خلق الذكر والانثى ان سعيكم لشتى فاما من اعطى» اي النخلة «واتقى وصدق بالحسنى» اي بوعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم «فسنيسره لليسرى..).[2]
وفي تفسير القمي (نزلت في رجل من الأنصار كانت له نخلة في دار رجل آخر وكان يدخل عليه بغير إذن فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال رسول الله لصاحب النخلة بعني نخلتك هذه بنخلة في الجنة فقال لا أفعل فقال فبعها بحديقة في الجنة فقال لا أفعل وانصرف فمضى إليه ابن [أبي] الدحداح واشتراها منه وأتى ابن الدحداح إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم وقال: يا رسول الله خذها واجعل لي في الجنة الحديقة التي قلت لهذا فلم يقبلها، فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لك في الجنة حدائق وحدائق فأنزل في ذلك: فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى...).
وروى في المجمع رواية عامية عن الواحدي عن ابن عباس حول هذه القصة. ورواها السيوطي في الدر المنثور عنه وقال ان سندها ضعيف.
ومع هذه الروايات نحن في غنى عما يقوله الآخرون وانما الغريب أن بعض مفسرينا او اكثرهم لو لم اقل كلهم تبعوا من خالفنا واعتبروها مكية مع انهم يروون هذه الروايات غفلة عن انها صريحة في نزولها بالمدينة وغفلوا ايضا عن السر في إصرار القوم على كونها مكية ويبدو انهم اقتنعوا بان السياق يقتضي كونها مكية فحملوا الروايات على التطبيق مع انه خلاف ظاهرها بل صريحها.
نعم ذكر العلامة الطباطبائي قدس سره ان سياقها يناسب الامرين فكأنه كان ناظرا الى الروايات ولكن قد تبين بما ذكرناه ان السياق ايضا يقتضي كونها مدنية.
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى...
مرّ الكلام في مثل ذلك في تفسير السورة السابقة. وغشيان الليل بمعنى ستره للارض والطبيعة او للشمس باعتبار انه وقت استتارها كما مر مثله في تفسير قوله تعالى (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا).[3] والتجلي: الانكشاف والوضوح.
والمقسم عليه هنا قوله تعالى (ان سعيكم لشتّى) ولعل مناسبة القسم بالليل وظلمته والنهار ووضوحه للمقسم عليه وهو اختلاف البشر في اعمالهم ونفسياتهم هي الاشارة الى السبب في اختلافهم فهم ينقسمون الى صنفين: فبعضهم وهم الغالب يعيش في ظلام الليل دائما ولا يبصر طريقه وقسم منهم جعل الله له نورا يمشي به في الناس.
وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى...
اي والذي خلق الذكر والانثى من الانسان والحيوان ولم يقل (من خلق) مع انها الخاصة بذوي العقول للاشارة الى عظمة الخالق بحيث لا يدرك كنهه فكأنه قال واقسم بذلك الموجود العظيم الذي خلق الذكر والانثى وقد مر مثله في تفسير قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا).[4]
وفي القسم بهذا اللحاظ اي كونه خالقا للذكر والانثى اشارة الى ان اختلاف البشر في العمل قد ينتمي الى اختلاف في النفسيات المتاصلة بحيث قد يكون بمنزلة الاختلاف الطبيعي بين الذكر والانثى فكثير منها خارج عن اختيار الانسان ومستند الى عوامل وراثية او بيئية او اجتماعية او تربوية ومع ذلك فالانسان قادر على اصلاح نفسه.
ولعل الغرض من هذه الاشارة تنبيه الانسان على صعوبة التغلب على بعض هذه الاوصاف المتاصلة فيه خصوصا اذا كانت موروثة فلا بد من بذل جهد عظيم لكي يصلح نفسه ولكنه ــ على كل حال ــ ممكن ومما لا بد منه.
إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى...
هذه الجملة هي المقسم عليها كما مر. والسعي: السير السريع ويطلق على الجدّ في كل عمل خير او شر. والخطاب للبشر بوجه عام.
وشتّى من الشتّ والشتات اي التفرق ومنه شتّان. ولكن الظاهر ان شتى ليس مؤنث شتان بل هما صيغتان بمعنى المتفرق كما حكي عن ابن جني ولذلك اتى خبرا لمذكر في الآية فلا حاجة الى ما ارتكبوه من التأويل كقولهم ان المراد بالسعي الاعمال.
والناس مختلفون في نشاطهم وسعيهم فمنهم الذي يحب الخير ويكثر منه ومنهم من يستهويه الشر والفساد ومنهم المتوسطون.
وهذه الجملة مقدمة للتفصيل الآتي وهو المقصود بالذات.
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى...
تفصيل لسعي البشر المختلف. والآية لا تتعرض لمطلق اختلاف السعي فان سعي الناس يختلف ذاتا بحسب مجال العمل والكسب وانما تتعرض الآية لاختلاف المساعي بحسب النتيجة وفي مرحلة صرف المال.
والمراد بالاعطاء بقرينة القيدين التاليين التصدق على الفقراء ودفع المال في اي سبيل من سبل الخير كالمساعدة في طريق الجهاد في سبيل الله تعالى وكبناء الجسور والمدارس والمشافي وغير ذلك.
فقوله (واتقى) يشير الى ان العطاء بذاته ليس موضوعا للحكم الآتي بل ان بعض انواعه لا يعتبر من الخير كمن يعطي في سبيل نشر الفساد وطبع الكتب المضلة وافتتاح القنوات الناشرة للفساد والافكار والمذاهب الباطلة قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ..).[5]
وانما الاعطاء ممدوح ومثاب عليه ان كان في سبيل الله وعلى أساس التقوى كما قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ).[6]
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى...
المراد بالحسنى ما وعده الله تعالى من الثواب على العمل الصالح فهي صفة لمقدر ولعل المقدر (العدة) اي الوعد فالتقدير وصدّق بالعدة الحسنى.
روى الكليني بسنده عن ابي جعفر عليه السلام (في قول الله عز وجل «فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى» بان الله تعالى يعطي بالواحد عشرة الى مائة الف فمازاد «فسنيسره لليسرى» قال لا يريد شيئا من الخير الا يسره الله له «واما من بخل واستغنى» قال بخل بما آتاه الله عز وجل «وكذب بالحسنى» بان الله يعطي بالواحدة عشرة الى مائة الف فمازاد «فسنيسره للعسرى» قال لا يريد شيئا من الشر الا يسّره له «وما يغني عنه ماله اذا تردّى» قال اما والله ما هو تردى في بئر ولا من جبل ولا من حائط ولكن تردى في نار جهنم)[7]
وفي الحسنى معنى التفضيل اي احسن العدات فان الانسان ربما يوعَد او يعد نفسه بعواقب مطلوبة على عمله مختلفة في الحسن ولكن كلها من جزاء الدنيا الفانية واحسن الجزاء ما يبقى وهو جزاء الآخرة مع انه بذاته ايضا لا يقاس بما في هذه الدنيا.
والتصديق بالحسنى اي بالوعد الاحسن شرط ايضا في الجزاء المذكور في الآية وذلك لانه اذا لم يصدق بها فلن يكون عمله خالصا لوجه الله تعالى ولا يكفي قصد الامتحان وهذا بيت القصيد فهناك من الناس من يعطي في سبيل الله مالا قليلا برجاء ان ينتفع به في الآخرة ولعله ينتفع ولكنه ليس مصداقا لهذه الآية.
وانما تصدق الآية على من هو واثق من وعد الله تعالى ولذلك تجده ينفق في سبيله احسن ما عنده من دون خوف على مستقبله ومستقبل اولاده وتجد بعض الناس يمسك ماله الى ان يقترب اجله فيوصي بان يدفع عنه بعده بعض المال ولا يكون ذلك الا من ضعف الايمان بما وعد الله تعالى من الجزاء الحسن.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى... اليسرى صفة مؤنثة من اليسر وهو السهولة والخفة والانقياد فلعل الموصوف المقدر الحالة اليسرى.
قيل: المراد بها الجنة. ولكن الرواية التي نقلناها آنفا تدل على ان المراد بها الخير من الاعمال. وكذلك العكس في العسرى.
والتعبير عن اعمال الخير باليسرى قد يكون بلحاظ انها تؤدي الى العيشة اليسرى في الاخرة اي الجنة او باعتبار أنه في الدنيا ايضا هو الطريق الاسهل في المعيشة فالذي يعمل الخير ويساعد الناس وينشر الصلاح في المجتمع ويحاول هداية الاخرين لا شك أنه يعيش حياة هنيئة سعيدة ويستقر مرتاح البال مطمئن القلب اما من ينشر الفساد ويدعو الى الكفر والشرك ويبتعد عن ذكر الله تعالى فان له معيشة ضنكا.
وقيل ان في التعبير قلبا والمراد سنيسر اليسرى له اي نسهل له الوصول اليها فالتيسير يتعلق بالمقصود لا بالانسان. ولذلك قال موسى عليه السلام (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي).[8]
ولكن الصحيح أنه لا قلب فيه فالتيسير والتغيير قد يكون في الشيء بحيث يتمكن الانسان من الوصول اليه بسهولة وقد يكون في الانسان. والمراد انه تعالى يوفقه لعمل الخير ويبعث فيه الطاقة اللازمة ويمنحه الصبر والمقاومة.
واذا اريد باليسرى الجنة فمعناه انه تعالى يوفقه لدخولها بالعمل الصالح والتوبة.
وهذا نظير ما قلناه في قوله تعالى (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى)[9] بان المراد تيسير الانسان اي الرسول صلى الله عليه واله وسلم بمعنى تربيته وتغيير نفسياته وخصائصه بحيث يسهل عليه الوصول الى الطريقة اليسرى.
ولعل من شؤون ذلك ان الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلّم بنفسه وبطبيعته كان متسامحا يتعامل بيسر وليونة.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى...
البخل في مقابل الاعطاء فالمراد البخل بما يجب دفعه من المال او الامساك في مورد ينبغي فيه العطاء حتى لو لم يكن واجبا.
وقوله (واستغنى) يمكن ان يكون المراد به انه طلب ببخله الغنى كما هو مقتضى صيغة الاستفعال فان الذي يخيف الانسان من العطاء هو الفقر فيبخل بماله ليبقى غنيا قال تعالى (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ..).[10]
ويمكن ان يكون المراد انه استغنى بدنياه عن الآخرة واكتفى بما يتنعم به في الدنيا او استغنى بما يكتسبه من مال عن فضل الله ورحمته.
والتكذيب بالحسنى يقابل التصديق بها كما ورد في الرواية المذكورة آنفا.
وقد مر ان المراد بها الوعد من الله بالثواب الجزيل وأن هذا الجزاء وهو التيسير لليسرى خاص بمن كان اعطاؤه في سبيل الله مع التصديق بوعده لا كمن يدفع للاختبار وبرجاء ان يستفيد.
وهنا ايضا التيسير للعسرى نتيجة للبخل مع التكذيب بوعد الله تعالى. وهذا التكذيب قد لا يكون بالقول بل بالعمل فهو في قرارة نفسه غير مقتنع بما وعد الله تعالى ومن هنا يمتنع من اداء الزكاة ودفع المال في سبيل الله تعالى لانه يرى ذلك خسرانا واضحا وان كان يؤمن بالله وبآياته حسب الظاهر.
وتيسيره للعسرى بمعنى تسهيل الامور ليصل الى ما يطلبه من الشر كما في الرواية الآنفة الذكر (قال لا يريد شيئا من الشر الا يسره له).
او بتعبير أدق يقابل ما قلناه في التيسير لليسرى وهو سلب التوفيق عنه في الخير وحثّه بمقتضى نفسياته على الشر كما قال تعالى (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ).[11]
وهذا ما نجده في كثير من بغاة الشر حيث تطمح نفوسهم للشر وتنقاد لهم الامور ويتسع لهم المجال وهم يتوهمون انه توفيق من الله وأن ذلك دليل على انهم على حق وربما يشتبه الامر على كثير من المؤمنين ايضا وكثيرا ما نسمع ان فلانا او الاسرة الفلانية الحاكمة لو لم يكونوا على حق لما رزقهم الله الملك والسلطة.
والله تعالى يقول (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)[12] وقال ايضا (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ).[13]
وتبين بما ذكرناه في التيسير لليسرى ان التعبير عن طريق الشر بالعسرى قد يكون باعتبار ان نهايته العسر في الآخرة كما قال تعالى (فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)[14] او بلحاظ أن عيشته في الدنيا ايضا في ضنك وضيق كما قال تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا..)[15] لانه لا يستند الى ركن وثيق ولانه لا يرى للحياة هدفا وغاية ولانه يعذّب في ضميره حيث يرى المساكين يموتون حوله جوعا ومرضا وغير ذلك.
وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى...
الردى الهلاك والموت والمعنى ان المال لا ينفعه بعد الموت.
ويأتي التردي ايضا بمعنى السقوط من مرتفع او في حفرة ونحوها ولعله باعتبار انه يوجب الموت غالبا ومنه قوله تعالى (والمتردية) اي التي تقع من جبل او في حفرة وتموت.
وعلى هذا فيمكن ان يكون المراد سقوطه في جهنم كما ورد في الرواية السابقة (قال اما والله ما هو تردى في بئر ولا من جبل ولا من حائط ولكن تردى في نار جهنم).
والمراد التنبيه على أن الانسان يعلّق الآمال على أمر زائل لا ينفعه يوم الحاجة فالمال وان انتفع به في الدنيا الا أن له يوم عسر وحاجة أشدّ مما كان في الدنيا وهو بعد الموت او يوم الجزاء ولا ينفع المال هناك وانما ينفعه العمل الصالح الذي منه إنفاق المال في سبيل الله تعالى.
[1] الكافي ج2 ص506 باب التسبيح والتهليل
[2] قرب الاسناد ص356
[3] الشمس: 3- 4
[4] الشمس : 5
[5] الانفال: 36
[6] المؤمنون: 60
[7] الكافي ج4 ص46 باب النوادر
[8] طه: 26
[9] الاعلى: 8
[10] البقرة: 268
[11] التوبة" 46
[12] ال عمران: 178
[13] التوبة: 55 ومثله في التوبة: 85
[14] المدثر : 9 - 10
[15] طه : 124