مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلينَ (181) وَالْحَمْدُ للّه رَبِّ الْعالَمينَ (182)

 

ختام للسورة الكريمة تناسب مضامينها حيث كانت تتعرض للردّ على ما ينسبه الكفار الى الله تعالى من الصفات، ويجعلون له البنات، كما يناسب ما ورد فيها من ذكر نعم الله تعالى على الرسل، واختتمت كل قصة من قصصهم بالسلام على صاحب القصة. وهنا اختتم السورة بالسلام عليهم اجمعين. ثم الختم بانّ الحمد كله للّه رب العالمين.

سبحان ربّك ربّ العزّة عما يصفون... يحتمل ان يكون المراد بالتنزيه في هذه الآية حيث وردت بعد التهديدات السابقة تنزيهه تعالى عما يدور في خلد المشركين وغيرهم من الكفار بل حتى بعض المؤمنين من انّه تعالى لا يفي بما يعده ويوعده بل ربما يتصوّرون انّه غير قادر على ذلك.

وهذا التوهّم سائد بين الناس حتى المؤمنين بالله تعالى، فقليلا مّا تجد مثلا مؤمنا مطمئنّا بما وعده الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلّم من ظهور المهديّ عليه السلام وعجّل الله تعالى فرجه، وغلبته على كل هذه الطواغيت والفراعنة، وما أسّسوا من قوى شيطانية، فكيف بالكفار ومشركي مكة وان كانوا يعترفون بالله ولكنهم لا يؤمنون بقدرته الشاملة فيتصوّرون انه لا يقدر عليهم، وأنّ هذه التهديدات لا تتحقق فالآية الكريمة تنزّهه تعالى عما يصفونه من العجز او خلف الوعد.

ويؤيد هذا الاحتمال التعبير الوارد في الآية الكريمة حيث قال (سبحان ربك رب العزة..) ولم يقل سبحان الله عما يصفون. فلا يبعد ان يكون التوصيف بربوبيته للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم لمناسبتها لما وعده الله من النصر على الاعداء، فذكر ذلك للتاكيد على انه تعالى بمقتضى ربوبيته لك ينصرك في ما بعثك من اجله من الرسالة، فان الربوبية من التربية ومقتضاها ان يوصل الرب كل مربوب الى كماله، فاذا ارسل رسولا لابد من نصرته وغلبته على الاعداء فهو تاكيد على قوله تعالى في الآية السابقة (انهم لهم المنصورون..). ثم التاكيد على كونه رب العزة بمعنى الغلبة فهو غالب على امره لا يمتنع عليه شيء.

وسلام على المرسلين... هذه الآية ايضا وان كانت مناسبة لمواضيع السورة ولكنها تناسب ايضا هذا التهديد الالهي، لان السلام من الله تعالى معناه انه يسلمهم من كل شيء ومن كل الاعداء وينصرهم­­ عليهم، فالسلام عليهم في الدنيا والآخرة.

والحمد للّه رب العالمين... الحمد كله للّه من اي احد صدر، وعلى اي كمال وجمال، فانه يعود الى الله تعالى لانه خالق كل خير، وهو رب العالمين فيوصل كل احد الى كماله ويضعه موضعه اللائق به. ومن هنا فانه ينصر رسله، ويعذب اعداءهم، فهذا ايضا من خصائص الربوبية وبذلك يتبين تناسب كل هذه الجمل مع هذا الاحتمال. والحمد للّه اولا وآخرا.