أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّه أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللّه مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللّه عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللّه وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30)
ألم تر أن اللّه أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها... تشير الآية والتي بعدها الى جانب من جوانب الحكمة والتدبير في الكون، وهو الجانب الجمالي في مختلف انحاء الطبيعة. وادراك هذا الامر لا يحتاج الى تدبر ودقة، بل تكفي الرؤية. ولذلك قال: (ألم تر..) فان جمال الطبيعة يدركه الانسان بمجرد ملاحظة جوانب الكون المحيطة به.
واختلاف الوان الثمرات امر بهيج حقا، فتجد من كل نوع من انواع كل ثمرة الوانا مختلفة، وكلها تبهر العين وتبث في النفس البهجة والانشراح. كل هذه الالوان الجميلة والطعوم المختلفة تخرج من ارض واحدة وبماء واحد. وليس معنى ذلك انه اعجاز خارق للطبيعة بل هو مقتضى العوامل الطبيعية، انما الكلام في ان هذا الاقتضاء امر مقصود، وهناك يد فنانة تضفي على الطبيعة هذا الجمال الخلّاب.
ولئن تمكن المبطلون تفسير كل ظاهرة طبيعية بعيدا عن تدبير مقصود فانهم يعجزون عن تفسير جمال الطبيعة الا بما يدل على تلك اليد الخلّاقة المبدعة.
ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود... ثم يضيف الى ذلك جمال الجبال والصخور الملونة، وهي جدد جمع جُـدّة اي الجادّة والطريق، اما بمعنى ان في الجبال طرق، أو أن سلاسل الجبال بانفسها مخططة كانها طرائق، وهو الاقرب. اي وخلق من الجبال طرائق مختلفة. والاهتمام هنا باختلاف الالوان، فمنها الجبال البيض، ومنها الحمر، ومنها السود، ومنها غير ذلك.
وغرابيب جمع غربيب (بكسر اوله) اي الاسود تشبيها له بالغراب فليس بمعنى شدة السواد ــ كما قيل ــ حتى يقال ان المناسب ان يقال سود غرابيب، ونبحث عن وجه للتقليب، بل كلتا الكلمتين تدلان على السواد. ثم ان قوله مختلف الوانها يشير الى اختلاف انواع البياض والحمرة.
ومن الناس والدوابّ والانعام مختلف ألوانه كذلك... عطف على ما سبق. وهنا ينبّه على اختلاف الوان الانسان والحيوان، والدوابّ جمع دابّة تشمل كل ما يتحرك على الارض. والانعام وهي الحيوانات الاليفة للبشر (الابل والبقر والغنم) انواع والوان ايضا ذكرها بالخصوص بعد شمول الدواب لها لقربها من الانسان. والانسان ايضا الوانه مختلفة.
والضميرالمفرد في (الوانه) يعود الى كل نوع برأسه، ولوقال الوانها لكان المعنى اختلاف الوان المجموعة. والمقصـود اختلاف كل نوع في الوانه، ولذلك صدّر ذكـرها بـ (من) اي وكل من الناس...
انما يخشى اللّه من عباده العلماء... عقّب هذا التجوال في الالوان الطبيعية الزاهية كرمز لجمال الطبيعة بالتنبيه على ما يقتضيه التدبر في الكون بعد التنعم بمشاهدة المناظر الخلابة، وهو الخشية من خالقها العظيم ومدبّرها القادر على كل شيء، خلافا لما عليه عامة الناس من الافتتان بسحر الطبيعة والغفلة عن الخالق، بل الانشغال بكل ما يلهي ويطرب من اللعب والغناء والرقص في احضان الطبيعة وحين التمتع بمناظرها البهيجة، فيلوثون بيئتها البريئة بطربهم الآثم، ولا يتنبهون الى ان اللّه سبحانه انما جعل ما على الارض زينة لها ليبلوهم ايهم احسن عملا.
وانما ينتقل من هذه الآيات والمناظر الى خالق الجمال والجلال العلماء العارفون باللّه، فيزيدهم النظر اليها خشية وخشوعا واستشعارا لعظمته وجلاله وجماله، وكلما زاد الانسان معرفة بربه زاد خشوعا وخشية. والخشية هي الخوف.
ومن لطيف البيان واعجازه ان تنتقل الآية بنا من الالوان الطبيعية الزاهية الى الخوف والخشية، اذ لا ينبغي ان ياخذ بمجامع قلب الانسان العارف الا عظمة الخالق، والخشية من سطواته حتى في تلك اللحظات الجميلة التي نعيشها في احضان الطبيعة، فكل ما يلهي الانسان عن ربه ورقة خاسرة ينبغي الابتعاد عنه، وانما الرابح من ينتقل من كل هذه المظاهر الى ربه وخالقه، ويتنعم بحبه ورضوانه.
ثم ان الجملة لا شك انها تفيد الحصر حتى لو لم نقل بان كلمة (انما) تفيده، وذلك من جهة تقديم الجار والمجرور (من عباده) بل نفس الاتيان به يفيده ايضا اذ معناه ان بعض عباده وهم العلماء يخشونه، فينفي الخشية عن غيرهم كما ان تقديم اسم الجلالة يفيده ايضا فلو لم يكن في الجملة (انما) ولا الجار والمجرور لافاد الحصر ايضا، لان طبيعة الجملة ان تقول (ويخشى العلماء اللّه) فلو قلت (ويخشى اللّه العلماء) افاد الحصر.
هذا مضافا الى ان هذا التقديم يفيد ان الحصر المستفاد من (انما) يتعلق بخشية العلماء دون غيرهم بخلاف ما لو اخر الاسم فانه يفيد حصر خشيتهم في اللّه فلو قال انما يخشى العلماء من اللّه افاد انهم لا يخشون غيره والآية الكريمة تفيد ان خشية اللّه منحصرة فيهم.
والحاصل ان حصر الخشية من اللّه في العلماء يستفاد من وجوه اربعة: كلمة انما، الجار والمجرور المفيد لمعنى التبعيض، تقديم الجار والمجرور، واخيرا تقديم اسم الجلالة.
وقد ذكر بعض الكتّاب الاسلاميين الجدد بأن المراد من العلماء في الآية المختصون بالعلوم الطبيعية، وذلك لان ذكرهم ورد عقيب التنبيه على ملاحظة الطبيعة ودقائقها فلا بد من حمل عنوان العلماء على ما يناسب ذلك.
وهذا غير صحيح وهو خلاف ما نشاهده في واقع الامر فان علماء الطبيعة في الغالب لا يؤمنون باللّه تعالى، ومن الغريب أنهم كلما توغلوا في شؤون الطبيعة ومعرفة أسرارها زادوا كفرا وعنادا، والسر في ذلك أن الايمان لا يحصل بمجرد التأمل في الكون، وقد قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) يوسف: 105، وليس المراد أنهم يعرضون عن نفس الآية بالذات بل ربما يتأملونها أدق تأمل، ولكنهم يغفلون عن اعتبارها آية فيحاولون بشتى الطرق وبتأويلات بعيدة وغير منطقية أن يعتبروا كل ذلك نتيجة الصدفة، وأنها ليست أمورا مقصودة لمدبّر حكيم. فالمراد بالعلماء، العارفون باللّه تعالى. والعلم في الشرع ليس الا معرفة اللّه تعالى ومعرفة رسله وكتبه واوليائه واحكامه وشرائعه مما يوصلنا الى رضوانه تعالى.
ففي الحديث (دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلّم المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقيل: علامة، فقال: وما العلامة؟ فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، والاشعار العربية، قال: فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم: ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه، ثم قال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم: إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل).[1]
ان اللّه عزيز غفور... ذكر المفسرون وجوها في سر تعقيب الآية بهذه الجملة وكلها تعود الى وجه خشيتهم من اللّه تعالى، فقالوا انهم يخشون اللّه لانه عزيز لا يغلبه شيء. وارتبكوا في الغفران، فاعتبره بعضهم وجها لحبهم اياه مع انهم يخشونه، وبعضهم جعله تذكيرا بان اللّه تعالى يغفر لمن لا يخشاه.
ويخطر في البال ان الجملة ينبغي ان تكون تعليلا للحصر ولغفلة الناس عامة لانهما المقصود من الجملة السابقة فالمراد ــ واللّه العالم ــ ان الخشية انما انحصرت في العلماء لانه تعالى عزيز اي صعب المنال، فقليل اولئك الذين ينتقلون من كل هذه المظاهر الى الخالق العظيم نُقلة توجب خشيتهم منه تعالى.
ومن جهة اخرى لانه غفور يستر على الانسان تماديه في الغي والطرب والاشتغال بمباهج الحياة، فلا يكدّر عليهم صفو العيش عاجلا. ولو كانت سنته تعالى ان ياخذ كل انسان بتماديه في الطرب لكثر الهالكون، ولكنه تعالى غفور حليم لا يعاجل بالعقوبة ويترك الانسان يلهو ويطرب، ويقبل منه توبته وان تأخر فيا له من رب رحيم ودود كريم، ويا لنا من عبيد طغاة مردة. اللّهم اغفر لنا طيشنا وجهلنا واسرافنا في امرنا.
ان الذين يتلون كتاب اللّه وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية... يبدو من السياق ان المراد بالذين يتلون في هذه الآية العلماء الذين يخشون اللّه، وان الآيات تبيّن التدرج في حصول الايمان وتاثيره، فمنشأ الايمان باللّه هو التأمل في الكون وآيات حكمته تعالى فيه، ثم التجاوز عن ذلك بمعرفة اللّه قدر الامكان، ثم استشعار الخشية، ثم التأمل في الكتاب المنزل وتلاوته، ثم اقامة الصلاة والانفاق في سبيله، وهذا مرحلة العمل.
ومقتضى ذلك ان هذه التلاوة ليست مجرد التوالي في التلفظ بالكلام المنزل فانه ليس متأثرا من الخشية ولا مؤثرا في الصلاة والزكاة بل المراد التلاوة بتدبر وامعان. وفي التعبير بكتاب اللّه ما يستدعي المزيد من الخشية والخشوع.
ثم ان هذه التلاوة تتعقبها صلاة وزكاة. وقد مر الكلام في اقامة الصلاة وان المراد اقامتها على عمودها كالخيمة المتقومة به. وعمودها التوجه الى اللّه تعالى وقيل انه المعنى الجذري لكلمة الصلاة، ولم يثبت ذلك. ولكن ورد في الحديث (انما لك من صلاتك ما أقبلت عليه منها..)[2].
واما الزكاة فقد عبر عنها بالانفاق مما رزق اللّه تنبيها على انه ليس فيه منة من المنفق فهو فاقد في ذاته لكل شيء، وانما حصل على المال برزق من اللّه تعالى، فعليه ان يعمل بما امره به فيه.
وقد ذكر المفسرون في وجه التاكيد على الانفاق في السر والعلانية ان انفاق السر لدفع الرياء، وانفاق العلانية لترغيب الآخرين. وليس هذا امرا خاصا بالانفاق، فان كل عمل حسن بالعلن يفيد ذلك، وهو مطلوب من هذه الجهة، ولذلك تأكّد حضور الجماعة والمساجد وسائر المجامع الدينية، فهناك صلاة تصليها في عقر دارك وهي النافلة غالبا، وصلاة ينبغي ان تصليها في المسجد وفي الجمع معلنا بها.
ويجب ان لا يهتم المؤمن بوسوسة الشيطان والقائه في روعه بان هذا يوجب الرياء، وهناك كثير من الناس لا يحضرون الجماعة خوفا من الرياء، وهذه احدى سبل الشيطان لابعاد المؤمن عما امر به اللّه تعالى. فينبغي ان ننتبه الى ان ظهور المؤمن بالمظهر الديني اللائق مطلوب شرعا، وليس هذا من الرياء المذموم.
ومن جهة اخرى فان الابتعاد عن مواطن الاغراء تجنبا من الوقوع في الذنب ليست هي الطريقة الصحيحة في اكمال النفس، بل المطلوب ان يعيش المؤمن بين ظهراني المجتمع ويحفظ دينه، واما الهرب بالدين الى الكهوف والصوامع فهو شان الرهبانية المسيحية، وليس مما يدعو اليه الاسلام الحنيف.
وهناك وجه آخر لتنويع الانفاق الى السر والعلن، وهو ان الانفاق في العلن لمن يعلن فقره وحاجته ويسأل الناس، والانفاق في السر لمن لا يبدو عليه آثار الفقر (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا...) البقرة: 273.
وقد ورد في الحديث المستفيض بل لعله متواتر ونقله الفريقان: (صدقة السر تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى)[3] وعلى المؤمن ان يبحث عن هؤلاء الفقراء، بل يتجشم مؤونة السفر للوصول اليهم، ويعطيهم بحيث لا يعرفونه، ولا يتوقع منهم شكرا وجزاءا، يبتغي بذلك رضوان اللّه تعالى واطفاء غضبه.
يرجون تجارة لن تبور... الظاهر انها جملة حالية تقيّد الموضوع، فالحكم يختصّ بمن يفعل ذلك رجاء التجارة الرابحة قطعا. والبوار هو الكساد والخسارة. وحيث ان المشتري في هذه التجارة هو اللّه تعالى فلا يمكن ان تبور، قال تعالى: (إِنَّ اللّه اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ...) التوبة: 111.
والحاصل ان الذي يفوز في هذا المضمار هو الذي يقصد بعمله التجارة مع ربّه وتحصيل رضاه، فهنالك من يصلّي ويزكّي للوصول الى اغراض دنيوية حتى لو كان بتوقع رحمة من ربه، ويا له من غبن فاحش أن يقتنع بالدنيا بدلا عن الآخرة.
ثم ان بعض المفسرين اعتبر جملة (يرجون تجارة..) خبر ان، وهو من حيث اللفظ اقرب، ولكن من حيث المعنى بعيد، فان المناسب للخبر ذكر ما يترتب عليه واقعا من جزاء لا بيان حالتهم النفسية التي ربما يتعقبه الجزاء وربما لا يتعقبه، فالاولى ان يكون الخبر ما يدل عليه قوله تعالى: (ليوفيهم اجورهم...) اي يفعلون ذلك ليوفيهم اجورهم. واللام للغاية لا للغرض فلا يعود الاشكال.
ليوفيهم اجورهم ويزيدهم من فضله... توفية الاجر هو دفعه كاملا، واما الزيادة من فضله ففيها احتمالان:
1ــ ان تكون من جنس نفس الاجر ولكنها زائدة على المتوقع او الموعود.
2ــ ان تكون امرا لا يتوقعه الانسان ولا يصل اليه فهمه.
والظاهر ان المراد هو الثاني فان الاجر مهما كان فهو من فضله تعالى، فان احدا لا يستحق على اللّه شيئا فليس هناك امر يزيد على شيء متوقع، وليس هناك وعد محدد فلا بد من ان يكون المراد بالزيادة امر لا تصل اليه افهامنا، وهو النعيم الحقيقي الذي عبر عنه تعالى بقوله: (وَعَدَ اللّه الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللّه أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة: 72وهو المراد ايضا بقوله تعالى (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) ق: 35 حيث انه يدل على ان هناك شيئا من الاجر لا يشاؤونه لانهم لا يعلمونه.
والواقع ان الفاصل الحقيقي بين نعيم الجنة وغيره من النعم هو هذا الامر والا فالنعم المادية وان كانت حقيقتها هناك تختلف عما هنا اختلافا جوهريا الا انها ليست الفارق الاساس، وانما الفارق هو رضوان اللّه تعالى يحيط بالانسان فيشعر بالسعادة الابدية الخالدة التي لا تضاهيها سعادة مهما كانت متطورة ومتكاملة.
وهناك من البشر من سعد بذلك في هذه الحياة ايضا قال تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللّه لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّه ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس: 62-64.
انه غفور شكور... هذا التعقيب ايذان بانه ليس هناك استحقاق بل هناك قصور من الكل حتى الانبياء والاولياء، ولكن اللّه غفور فيغفر الهفوات، قال تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) النساء: 31 وهو فوق ذلك شكور لما يعمله العبد من الصالحات وان كان لا يستحق على اللّه شيئا، بل ان ما يعمله فرض واجب عليه وهو لا يعمل الا لمصلحته، ولا يعود الى اللّه من أحد نفع، وهو غني عن عباده الا انه تعالى شكورله من فضله. وشكره تعالى يتجلى في جزائه. والشكور صيغة المبالغة، فهو يشكر عباده كثيرا.