مكتب سماحة السيد مرتضى المهري

مجموعة آيات تبيّن مسيرة الانسان في الحياة من بدء خلقه ثم تقلّبه في شؤون الدنيا تحت هيمنة علم الله تعالى عليه والرقابة المشددة وتسجيل كل ما يقول الى أن يحين موته وما يعرض عليه حين الموت ثم إحياؤه من جديد ليحضر أمام خالقه ومربيه.

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ... الآية تذكّر الانسان ببدء خلقه لينبهه على امكان خلقه من جديد وإحيائه للحساب وأن كل اعماله وحتى خطرات قلبه محفوظة مسجلة عليه وتقديم ذكر الخلق مؤكدا باللام و(قد) مقدمة للتنبيه على نفوذ علمه تعالى فان الذي خلق الانسان أعلم بما فيه وبما ينطوي عليه ضميره فان خلق الله تعالى ليس كما يصنع البشر حيث يركّب موادا ويصنع هيئة لآلة او دواء او معجون او اي هيئة تركيبية اخرى لبلوغ مقاصده وهو يجهل كثيرا من حقائق هذا المركّب.. يجهل حقائق مواده ويجهل كثيرا من خصائص التركيب وكثيرا ما يتبين له بعد عدة تجارب ان ما صنعه من دواء مثلا له منافع اخرى او له مضار لم يتفطن لها وأما الخالق الذي يبدع الشيء ويصنع مادته وتركيبه من غير مثال محتذى ومع سبق العدم المطلق فانه يعلم بكل خصائصه لانه أعطاه الوجود ولم يكن شيئا مذكورا.

والوَسوسة والوِسواس – بكسر الواو – مصدر والوَسواس – بالفتح – اسم لمن يوسوس في صدور الناس قال تعالى (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)[1] والاصل في مثل هذه الكلمات هو تكرر الشيء فالذبذبة تكرر الذبّ وهو الدفع فيفيد معنى الاضطراب وتكرر الحركة ومثله زلزل ودبدب وكبكب وغيرها. والوسوسة تكرّر الوسّ وهو الصوت الخفي كصوت حُلِيّ المرأة وصوت من يريد الصيد. ومن الوسوسة ما يلقي الشيطان في النفوس وكذلك شياطين الانس ومنها ايضا هواجس النفس وخواطرها مع انها ليست أصواتا في الغالب الا انها تُشبّه بها من جهة كونها إلقاءات خفيّـة في النفس. وفي الآية ضمير مقدر والتقدير ما توسوسه به نفسه.

والانسان يحدّث نفسه كما تحدثه نفسه وهما امران مختلفان وليس مجرد اختلاف في التعبير كما ذكر في اللغة وبعض التفاسير فالمراد بتحديثه لنفسه ما ينشئه الانسان من افكار وتخيلات واوهام ونحوها ويلقيها على نفسه كأنه يلقي محاضرة وكأنّ هناك من يسمعه ويتلقى منه وهذه الامور منها خير ومنها شر والمراد بتحديث النفس له الهواجس والخواطر التي تخطر بالبال من خير وشر ايضا وهي في الغالب ترد النفس من دون اختيار وربما تهيمن عليها وتستعبده وتسيطر عليه وتجرّه الى ما لا يحمد عقباه اذا لم يكن الانسان مذلِّلا نفسه مروِّضا اياها بالرياضات النفسية دينية كانت او غيرها. والمراد بالوسوسة في الآية الكريمة هذه الخواطر النفسية التي ربما لا يشعر بها الانسان وانما ينقاد لها ويتحرك وفقا لإلقاءاتها فالله تعالى عليم بكل هذه الخواطر التي تخطر بالبال حتى لو غاب عن شعور الانسان نفسه.

والغرض واضح من الآية الكريمة وهو تنبيه الانسان على شدة الرقابة عليه ومحاسبة كل شيء يتعلق به حتى ما كان من قبيل الخواطر التي لا يشعر بها. ولعلك تقول : ما شأن الانسان بهذه الخواطر فهي ليست من صنعه بل ربما يتألم من هجومها عليه وهو لا حول له ولا قوة في قبالها؟

والجواب أن المراد ليس محاسبة الانسان على هذه الخواطر بل تنبيهه على غاية إحكام الرقابة عليه بحيث لا يغيب عن الرقيب وهو الله تعالى حتى هذه الخواطر السريعة. هذا مضافا الى انها وان لم تكن بذاتها تحت سيطرة الانسان الا انه بامكانه أن يهيئ المناخ المناسب للخواطر الحسنة ويطرد عن نفسه الخواطر السيئة التي ربما تجره الى المعاصي والمهالك ويذلل نفسه للابتعاد عنها فعروض الخواطر السيئة وان لم يكن اختياريا بذاته الا ان مقدماته في الغالب اختيارية.

ومضافا الى أن المحاسبة لا تعني المعاقبة والانسان يحاسَب على امور كثيرة لا يعاقَب عليها كما قال تعالى (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[2] والله تعالى لا يعاقب على النوايا كما ورد في عدة روايات منها رواية ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال (ان المؤمن ليهمّ بالحسنة ولا يعمل بها فتكتب له حسنة وان هو عملها كتبت له عشر حسنات وان المؤمن ليهمّ بالسيّئة ان يعملها فلا يعملها فلا تكتب عليه).[3]  

ولكن ذلك لا ينافي المحاسبة وربما تؤثر في درجة الانسان وقربه لدى الله تعالى. بل ربما يظهر من الآية المذكورة أنه يستحق العقاب على النوايا ايضا ولكن الله تعالى يغفر له ان شاء كما يغفر ما ينسى ويخطئ والمغفرة فيهما ليس ضروريا بالعقل قال تعالى (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا..).[4] اذ لو كان ضروريا لم يكن وجه للدعاء.

وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ... الوريد عرق في الجسم سمي به لان الدم يرد فيه قالوا ويرد فيه الروح ايضا وذلك لما رأوه من الموت السريع بقطعه فتوهموا ان الروح يخرج منه واختلف اهل اللغة في تحديد المراد بهذا العرق والاكثر على انه عرقان على صفحتي العنق وهما الودجان اللذان يقطعان من الحيوان في التذكية وقيل انه العرق المتصل بالقلب والكبد وقيل انه المنتشر في الجسم ومهما كان فالمراد به العرق الذي بقطعه يموت الانسان والحيوان واضافة الحبل اليه بيانية وعبر عنه بالحبل كأنه سبب اتصال الانسان بروحه، وبقطعه ينفصل الروح عن الجسم حيث يموت والغرض بيان أن الله تعالى أقرب الى الانسان من روحه... أقرب اليه علما وقدرة فهو أعلم بما في نفسه من نفسه وهو أقدر على تغيير نفسياته منه. والانسان ربما يخدع نفسه فيتصور أنه يعمل العمل لوجه الله تعالى مثلا ولا ينتبه الى الدوافع الاخرى التي تدفعه والله تعالى يعلم بها ويُعلِمُه بها يوم القيامة. كما أنه يُقلّب نفس الانسان ويغير أحواله وهو لا يتمكن من السيطرة على نفسه الا جزئيا وذلك ايضا بإلهام من الله تعالى وإقدار منه.

ومثله قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ..)[5] فالله تعالى أقرب الى الانسان من قلبه اي نفسه وروحه كما أنه أقرب الى قلبه منه فيقلبه كيفما يشاء ويتحكم في ارادته ويصرفه عما يشاء. والغرض من هذا التعبير تنبيه الانسان على امكان هذه السيطرة التي يصعب عليه تصورها فهو يعلم أن بالامكان رقابة الانسان حسب ظاهر حاله وعلى أساس ذلك يتوهم أن الرقابة الالهية ايضا لا تتعدى ظواهر اعماله وأحواله كرقابة الدوائر الامنية في الدنيا.

إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعيدٌ... التلقّي مطاوعة اللقاء او الالقاء ولذلك يأتي بمعنى الاستقبال اذا اراد احد لقاءه وبمعنى الاخذ اذا القى اليه احد شيئا او كلاما والمراد به هنا تلقي ما يفعله الانسان وحذف مفعول التلقي لدلالة الآية التالية عليه. و(اذ) ظرف متعلق بمقدر اي اذكر والظاهر أن الخطاب للانسان بوجه عام فالمراد تنبيهه أن هناك ملكين يتلقيان كل ما يفعله من خير وشر ويسجلان عليه ولعل اليمين والشمال رمز للخير والشر كما رمز بهما في التعبير باصحاب اليمين واصحاب الشمال فالملكان يسجلان عليه ما يفعله من خير وشر ولا نعلم كيف يتلقيان؟ وكيف يسجّلان؟ وما معنى التسجيل؟ وقد أخبرنا الله سبحانه أن الانسان يجد ما عمله حاضرا يوم القيامة. والقعيد بمعنى الجليس كما في العين فهو تعبير عن ملازمتهما ودوام حضورهما مع الانسان فليسا عابرين بل هما لا يفارقانه في حله وترحاله وليله ونهاره.

وقد ذكر المفسرون ورووا روايات غريبة في كيفية جلوسهما على اليمين والشمال وكيفية كتابتهما وتسجيلهما ونوع مدادهما وبعض ذلك تخرّص على الغيب واكثرها مما يحتاج الى تأويل ولم تثبت صحة شيء من تلك الروايات.

وقيل ان (اذ) ظرف لقوله تعالى (أقرب) في الآية السابقة والمعنى أنه تعالى حين تلقّي الملكين أقرب اليه من حبل الوريد تنبيها على أنه ليس بحاجة اليهما وانما خلقهما ووكلهما به لمصلحة اخرى كالتسجيل عليه بنحو من أنحاء التسجيل او ليكون في تنبيهه بذلك توجّس أكثر من جهة الشعور بوجود رقيب عليه ومهما كان فالمراد بناءً على هذا الوجه بيان أن الله تعالى لا يحتاج الى رقابة الملائكة كما لا يحتاج الى وساطتهم في سائر الشؤون فهو أقرب الى الانسان من حبل الوريد.

ولكن هذا الوجه مع لطفه بعيد عن العبارة – كما في الميزان – فان الظاهر انها تنبه على رقابة الملكين وتنظر اليها نظرة مستقلة ومقتضى هذا الوجه ان ذكر تلقي الملكين انما هو لبيان عدم الحاجة اليهما في الرقابة الالهية فحسب وهو بعيد.

ويبدو من الآية أن الملكين جليسان للانسان وانهما خارجان عن روحه ولا يتغلغلان في ذاته ولعله لذلك لا يعلمان بما تنطوي عليه سريرته كما ورد في دعاء كميل رحمه الله (وكنت انت الرقيب عليَّ من ورائهم والشاهد لما خفي عنهم) وهذا من فضله تعالى على البشر حيث لم يجعل للملائكة سبيلا للدخول في أعماق روحه.

وقد ورد التصريح بذلك في رواية رواها الكليني رحمه الله بسند صحيح عن اسحاق بن عمار عن ابي عبد الله عليه السلام قال (ان المؤمنين اذا اعتنقا غمرتهما الرحمة فاذا التزما لا يريدان بذلك الا وجه الله ولا يريدان غرضا من اغراض الدنيا قيل لهما مغفور لكما فاستانفا فاذا اقبلا على المسالة قالت الملائكة بعضها لبعض تنحوا عنهما فان لهما سرا وقد ستر الله عليهما قال اسحاق فقلت جعلت فداك فلا يكتب عليهما لفظهما وقد قال الله عزو جل "ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد" قال فتنفس ابو عبد الله الصعداء ثم بكى حتى اخضلت دموعه لحيته وقال يا اسحاق ان الله تبارك وتعالى انما امر الملائكة ان تعتزل المؤمنَين اذا التقيا اجلالا لهما وانه وان كانت الملائكة لا تكتب لفظهما ولا تعرف كلامهما فانه يعرفه ويحفظه عليهما عالم السر وأخفى).[6]  

وهناك رواية ربما يستفاد منها أن المراد بالقعيدين ملك وشيطان فقد ورد في صحيحة حماد عن ابي عبد الله عليه السلام (ما من قلب الا وله اذنان على احداهما ملك مرشد وعلى الاخرى شيطان مفتن هذا يامره وهذا يزجره الشيطان يامره بالمعاصي والملك يزجره عنها وهو قول الله عز وجل (عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد).[7] والمراد بالقلب روح الانسان. ولكن يمكن ان يكون استشهاد الامام عليه السلام بالآية الثانية وان المراد بالرقيب العتيد الملك الذي يمنعه من ارتكاب المعصية فلا ينافي كون القعيدين ملكين كما لا ينافي ان يكون الرقيب العتيد يجمع بين الوظيفتين الزجر عن المعاصي وتسجيلها عليه.

ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقيبٌ عَتيدٌ... الرقيب صفة مشبهة بمعنى اسم الفاعل من الرقابة اي الذي يراقب ويرصد أقواله. والعتيد اي الحاضر والمهيأ لأمر مّا. والصفتان صفة للملك الذي يسجل السيئات وأما الآخر الذي يسجل الحسنات فلا علاقة له بالموضوع وهذا الملك يسجّل كل اعماله السيئة لا خصوص الاقوال ولكن حيث ان القول عميق التأثير وخفيف المؤونة فيغفل عنه الانسان ولا يهتمّ به أكّد القرآن عليه بالخصوص ليكون الانسان على حذر مما يتلفّظ به وكم من كلام غيّر مجرى التاريخ وكم من كلام تسبب في سفك الدماء واندلاع الحروب وكم من كلمة سدّ الطريق على الانبياء عليهم السلام ومنعهم من بلوغ مقاصدهم الالهية وتسبب في ابتعاد الناس عنهم كالقول الذي منع من كتابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصيته التي لو كان يكتبها لم يختلف بعده من الامة اثنان.

وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ... الجملة عطف على ما قبلها.. خلق الله الانسان وسار على منهجه الطبيعي وهو غافل عن الرقابة المشددة عليه وأن كل ما يقوله مسجل عليه فضلا عن ما يفعله بل إنّ كل ما توسوس به نفسه محفوظ لدى علّام الغيوب ثم جاءته سكرة الموت اي غشيته والاغماء الحاصل حين الموت والسُكر يقابل الصحو. والظاهر أن الباء للملابسة اي جاءت سكرة الموت لانه حق ثابت لا مناص منه. وقيل انها للمصاحبة اي أتت بالحق الى الانسان حيث إنه مع الموت يجد الحق اي يصل الى حقائق الامور وينكشف عنه الغطاء.

ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحيدُ... (ما) موصولة. والحَيد: الميل والانحراف اي ان الموت هو الامر الذي كنت تحاول ايها الانسان أن تميل عنه وتعدل كناية عن الفرار. والانسان ككلّ موجود حيّ لا يفرّ من شيء كفراره من الموت وهو أمر طبيعي فالحيّ يحبّ الحياة لأنه يشعر أن بها كينونته وبقاءه فاذا عرف الحق وعلم أنه لا يفنى بالموت بل يدخل عالما أوسع من هذه الحياة الضيقة بكثير لم يخش الموت وقلّ من يبلغ ذلك قال الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام (وَاللَّهِ لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ).[8]

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعيدِ... انتهى عالم البرزخ وقامت القيامة ليبرز الانسان بصحيفة أعماله الى ربه. والنفخ هنا يراد به النفخة الثانية التي بها تقوم القيامة لا النفخة الاولى التي بها يصعق من في الكون. والصور قرن الثور كانوا ينفخون فيه قديما لاعلان الحرب ونحوه وهو كناية عن سرعة الحدوث والمفاجأة وعدم التدرج كما قال تعالى (ثُمَّ نُفِخَ فيهِ أُخْرى‏ فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ)[9] اي بمجرد النفخ يقومون فجأة. والاشارة في قوله تعالى (ذلك يوم الوعيد) الى وقت نفخ الصور. والوعيد بحذف المضاف اي يوم تحقق الوعيد واما ظرف الوعيد فهو الحياة الدنيا. والمراد كل ما توعد الله تعالى به العصاة والكفار لانه وان كان من الوعد وهو عام يشمل الخير والشر الا ان الوعيد لا يستعمل الا في الشر كما في معجم المقاييس وغيره. والاتيان بالفعل الماضي هنا وفي العبارات التالية من جهة حتمية الوقوع.

وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهيدٌ... التعبير يصوّر حضور الانسان يوم القيامة وأنه لا يحضر من تلقاء نفسه بل يساق سوقا ليحاكم على ما فعل. والسوق حث الدابة على السير من ورائها بخلاف القيادة فانها من الامام. وظاهر الآية ان الامر عام يشمل جميع الناس لقوله (كل نفس) ولكن لا شك ان العموم بلحاظ انه حكم الغالب والا فالابرار المتقون لا يساقون ولا يخاطبون بالخطابات التالية. والتعبير بالسوق في قوله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا)[10] من باب المشاكلة مع سوق الذين كفروا مضافا الى ان هذا السوق الى الجنة وليس الى الحساب. والظاهر أنّ السائق غير الشهيد فملك يسوقه وملك يشهد عليه ولعلّ الشهيد تعبير عن كل ما يشهد عليه من الملائكة واعضاء جسمه والارض وغيرها.

لقَدْ كُنْتَ في‏ غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَديدٌ... هذا خطاب يخاطب به الانسان المذكور في الآية السابقة وهم يشكّلون أكثر البشر. والخطاب لا يجب أن يكون صوتا مسموعا بل يكفي أن يكون اعلاما له بوجه من وجوه الاعلام ومنها أنه يدرك هذه الحقيقة كسائر الحقائق بكل وجوده فكأنه يلمسها. والاشارة في قوله تعالى (من هذا) الى الحضور أمام الله للمحاسبة. والغفلة تقتضي أن يكون ذلك أمرا معلوما للانسان في الحياة الدنيا ولكنه لتلهّي الانسان بملذّات الدنيا وزينتها غفل عن هذه الحقيقة وبالفعل فان هذه الحقيقة معلومة للانسان بابلاغ الانبياء عليهم السلام.   

ولعل المراد بالغطاء ما يستلزمه الكون على هذا الكوكب من القيود والحدود التي تمنع الروح الانسانية من الاتصال بسائر الموجودات الا في الأطر الخاصة التي تفرضها قوانين الطبيعة كالادراك بالحواس الخمس. وينكشف الغطاء بالموت والتحرّر من هذه القيود والحدود فتسبح الروح في عالم الواقع العريض والعميق حرا طليقا وترتبط بكل الموجودات ارتباطا مباشرا فتدرك حقائق الامور على ما هي عليها وتصل الى اعماق الحقيقة بدون حجاب وهذا هو معنى كون بصره حديدا فليس البصر بمعنى العين الجارحة. والانسان يمكنه أن يصل الى كثير من الحقائق المبصَرة عن غير طريق البصر بنحو أشد وآكد بل بنحو لا يمكن فيه الشك بينما يمكن التشكيك في كثير من المبصَرات بل نعلم أن كثيرا منها من خداع العين. وأقوى إدراك للانسان في هذه الحياة المعتمة هو إدراكه لنفسه فهو يشعر بنفسه شعورا مباشرا حضوريا لا يشوبه أدنى شك وارتياب ولا يتوقف ذلك على الإبصار ولا على اللمس وهذا الإدراك على الظاهر هو الذي يحصل عليه الانسان بعد موته وتحرره من ظلمات الجسم والمادة بالنسبة الى كل الأشياء وكل الحقائق سواء كانت جسمية أم مما وراء الطبيعة. وقريب من ذلك ربما يحصل للانسان في الرؤيا الصادقة حيث يتحرر الروح جزئيا من قيود المادّة.

وَقالَ قَرينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتيدٌ... القرين هو المقرون بالشيء لا يفارقه الا نادرا والضمير يعود للانسان المذكور والعتيد بمعنى الحاضر المهيّأ كما مر. وقد اختلف المفسرون في أنه من المراد بهذا القرين؟ فقال جمع: انه الشيطان الذي يغويه والذي ورد ذكره في قوله تعالى (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرين‏)[11] وقوله (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْديهِمْ وَما خَلْفَهُم‏...)[12] والشاهد على ذلك قوله تعالى بعد ثلاث آيات (وقال قرينه ربنا ما أطغيته..) ولا شك أن المراد به الشيطان كما سيأتي. قالوا ان الاشارة بناءً على هذا الاحتمال الى الانسان والمعنى أن هذا هو الذي عندي وفي ملكتي مهيأ لجهنم باغوائي. هكذا ورد في الكشاف وروح المعاني ولعل المراد من قوله (في ملكتي) اي تحت سلطاني.

وقال آخرون ولعلهم الاكثر ان المراد به الملك الذي يسوقه او الشهيد وقد مر ذكر الملكين السائق والشهيد فهما قرينان له هناك فان كان المراد به الملك السائق فالظاهر ان (هذا) اشارة الى الانسان المسوق ومعنى الجملة اعلام أنه مهيأ للحكم عليه بما يستحقه وان كان المراد به الملك الذي يشهد عليه فيمكن أن تكون الاشارة اليه ايضا ويمكن ان تكون الى صحيفة أعماله التي يعرضها أمام ربه.

وهذا الاحتمال هو الأقرب كما أن الاقرب فيه أن يكون المراد به هو السائق لان الشهيد يأتي دوره حينما يطلب للشهادة والجملة هنا اعلام لحضور المتهم وهذا دور السائق الذي يسوق المتهم الى المحكمة. والاحتمال الاول بعيد جدا من جهة أن الشيطان المضل لا دور له في ذلك المشهد ليعلن عن شيء خصوصا مع التعبير الوارد في الكشاف وروح المعاني فان التعبير بما يدل على السلطة هناك لا يحق لاحد فضلا عن الشيطان. والمُلك ذلك اليوم لله الواحد القهار بل الشياطين في ذلك اليوم من المحضرين والمسوقين فأنّى لهم هذا البيان؟! نعم ربما يتكلم الشيطان لمخاصمة الانسان والدفاع عن نفسه كما في الآية الآتية وكما يتخاصم المستكبرون والمستضعفون من اهل النار.

أَلْقِيا في‏ جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنيدٍ... الخطاب على الظاهر للملكين السائق والشهيد. اما توجيه الخطاب الى السائق فواضح واما الشهيد فلانه سبب دخوله جهنم واستحقاقه العذاب لانه الذي يشهد على اعماله. والتعبير عنه بالالقاء يصوّر  زوال  كرامة هذا الانسان فهو يلقى في جهنم وكأنه من القمامة. والكَفّار مبالغة في الكفر وهو الستر يوصف به الكافر لانه ينكر ربه ونعمة ربه والمبالغة اما من جهة تشدده في الانكار او لعظمة ما ينكره. وتوصيفه بالعنيد يخرج من كان انكاره لضعف إدراكه وعدم فهمه. والعناد: العتوّ والطغيان والعدول عن طريق الاستقامة. وقيل العنود المعجب بما عنده وهو اساس الطغيان. والمبالغة في الكفر يستلزم العناد فان الذي يصرّ على كفره وانكاره لأوضح الحقائق خصوصا مع ادراكه لحقيقة الامر يتحول الى عنيد لا يمكنه درك الحقائق كما قال تعالى (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ في‏ طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).[13]

مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُريبٍ... المنّاع مبالغة في المنع ويصدق على من لا يعمل الخير وعلى من يمنع الآخرين من عمل الخير. ويبعد أن يكون المراد به خصوص المنع عن المال كما في الكشاف بل يشمل من يمنع من اهتداء الناس الى الدين وهو خير الخير مطلقا فهو أولى به. والاعتداء هو تجاوز الانسان من حقه الى حق غيره والانسان اذا لم يكن لديه وازع من الدين قلّما يتقيّد بضميره فلا يعتدي على غيره وهذا في خصوص الحقوق الاجتماعية واما حق الله تعالى وسائر ما جعله الله من حقوق على الانسان فالكافر لا يلتزم بها بالطبع واعتداؤه عليها ينبع من عدم ايمانه بها. والريب هو الشك. والارابة بمعنى انه يبعث بالشك في قلوب الآخرين وهو بمعنيين فتارة امره مريب اي يبعث بالشك في نواياه بالنسبة للمجتمع بمعنى أنه لا يؤمن من شره وهذا واضح اذا قيس المؤمن بالكافر وتارة يبعث بالشك في قلوب الآخرين بالنسبة لحقائق الكون فهو لا يكتفي بكفره تجاه ربه بل يحاول أن يضل غيره ايضا عن طريق التشكيك في المعتقدات وهذا ما نجده بوضوح من وسائل الاعلام الكافرة في عصرنا. 

الَّذي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّديدِ... وهذا هو الوصف الاخير له وهو اقبح اوصافه حيث يجعل لله ندا وشريكا في العبادة. والفاء تفريع على الالقاء الاول للتأكيد نظير قوله تعالى (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ..)[14] ويحتمل ان تكون هذه جملة مستقلة والموصول يتضمن معنى الشرط والفاء للجزاء ولعل هذا التخصيص بالذكر للاشارة الى أن الشرك هو أسوأ الشرور والصفات الرذيلة ولذلك وصف عذابه بالشديد. ولو لاحظ الانسان الصفات الرذيلة بنظرة اجتماعية تتبع المصالح البشرية فلعله لا يصل الى هذه النتيجة كما أنه لا يصل الى أهمية العبادة ومعرفة الله تعالى ولكنّ خالق الكون حيث أعلن أنه انما خلق الانس والجن ليعبدوه فانه يعتبر الشرك أعظم جريمة ولذلك قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاء..)[15] والسبب واضح لأنه يسير في اتجاه معاكس لما وضعه خالق الكون طريقا له الى كماله. وربما يتوهم أن هناك ما هو أفظع من الشرك وهو إنكار وجود الخالق ولكن الصحيح أن الشرك أعظم منه لأن المشرك يعبد ربّا غير الله تعالى فهو يستخفّ بربّه وينزّل من شأنه ويجعل له مناوئا وشبيها من خلقه وهو أعظم من انكار وجوده رأسا.

قالَ قَرينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ في‏ ضَلالٍ بَعيدٍ... الطغيان تجاوز الحد في العصيان. ويبدو من هذه الجملة أن الانسان المجرم بعد صدور الحكم بحقه يحاول أن يدافع عن نفسه فيلقي اللوم على الشيطان او الانسان الذي أضله كما يظهر ذلك ايضا من قوله تعالى (لا تختصموا) حيث يدل على أن كليهما يتحدثان هناك ولكن السياق لا يتعرض لكلامه للاستغناء عنه بذكر جواب القرين والظاهر أن المراد به هنا من كان قرينا له في الدنيا والقرين في الآية السابقة هو من جاء قرينا له في المشهد يوم القيامة وهو الملك السائق له كما مر والقرين هنا لعله الشيطان الذي قيضه الله له في الدنيا بعد أن غفل عن ذكر ربه كما قال تعالى (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)[16] ويمكن أن يكون انسانا مضلا فانه ايضا قرين له غالبا كما قال تعالى في حكاية كلام المؤمن في الجنة (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ).[17]

ومهما كان فان هذا القرين يرعبه الخطاب الالهي بالالقاء في العذاب فيحاول تبرئة نفسه مما آل اليه أمر قرينه فيعتذر قائلا: ربنا ما أطغيته.. أي لست مسؤولا عن طغيانه على ربّه فلست من جعله طاغيا ولكنه كان بنفسه في ضلال بعيد والتعبير بالبعيد يعني انه كان بعيدا عن طريق الحق لا تؤمل فيه الهداية فهناك انسان ضال عن الطريق الا انه قريب منه فيؤمل منه الاهتداء وأما اذا بعُد في التوغل في الضلال فانه لا يؤمل منه العود. والشيطان او الانسان المضل لا ينفي بالطبع اغواءه ووسوسته وانما ينفي إجباره على ذلك كما حكى الله تعالى عن الشيطان قوله يوم القيامة (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ..).[18]

قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعيدِ... الاختصام والمخاصمة اي المنازعة ومطالبة كل من الطرفين حقه. والاختصام ليس ممنوعا أمام الله تعالى يوم القيامة بل هو يوم تخاصم الناس ومطالبة المظلومين حقوقهم من الظالمين وقد قال تعالى (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)[19] وهو خطاب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومناوئيه. وانما النهي هنا عن اختصام الضالين والمضلين فان الله تعالى قد أنذر وحذّر وعهد الى الانسان أن الشيطان له عدو كما قال تعالى (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)[20] كما حذّر الشيطان بقوله تعالى (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)[21] وجملة (وقد قدمت اليكم بالوعيد) حالية اي مع هذا التقديم والانذار لا معنى للتخاصم ومعنى ذلك أنه لا يعذر الشيطان سواء كان من الانس او الجن لانه بإغوائه كان يؤثر في ضلال الناس فهو مشارك في آثامهم ولا يعذر الانسان المخدوع لان الاغواء والاغراء مهما كان فليس بحيث يوجب عنه سلب القدرة على التفكير او الاختيار. فالنهي عن الاختصام هنا بمعنى أنه لا ينتهي الى حلّ فالحكم بالعقاب عام شامل للطرفين ولا عذر لاحدهما. ومعنى قدّم له وقدّم اليه: سبق القول منه قبل مداهمة الامر. فالمراد أن الوعيد بالعذاب جاءهم من الله تعالى قبل نزول العذاب يوم القيامة يوم كان الخيار بيدهم.

ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ... في هذه الجملة احتمالان:

الاول: أنه تعالى لا يبدّل قوله فلا معنى للاعتذار والمخاصمة حيث إن الحكم صادر من قبل في حق الضالين والمضلين والله تعالى لا يبدل حكمه. وربما يقال إن هذا ينافي المغفرة فالله تعالى قد أوعد المذنبين بالعذاب مع أنه ربما يغفر لهم أليس هذا من تبديل القول؟ والجواب أنه ايضا على أساس قول آخر وهو وعده بغفران الذنوب في ظروف خاصة وهذا الوعد لا يشمل المشرك وهو المخاطب هنا لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ..).[22]

والاحتمال الثاني أن المراد بالقول قول المتخاصمين أي لا ينفعكم تبديل القول لديّ وانما كان ينفعكم التبديل والتغيير في الحياة الدنيا وحيث فارقتموها مشركين وكافرين فلا ينفعكم الايمان والتوحيد هنا وهذا واضح ولكن الاحتمال الاول اوفق بالسياق.

وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبيدِ... سبحانه وتعالى أن يظلم أحدا فما يفعله هو العدل المطلق اذ لا حاجة له الى ظلم أحد ولئن استوجب اختيار الانسان في هذه الحياة أن لا يوضع كل أحد موضعه الحقيقي لظلم الناس بعضهم بعضا فلا مجال هناك حتى لهذا الظلم وكل انسان ينال حقه ويوضع موضعه ولا يجزى الا بعمله. والسؤال في هذه الآية في التعبير بالظلام وهي صيغة المبالغة فلعلّه يوهم أنه لا يبالغ في الظلم واما الظلم الطفيف فيمكن أن يحصل مع أنه مستحيل في حقه تعالى. والجواب أن المراد أنه لو كان يظلم أحدا في تلك الحياة لكان الظلم فظيعا وكبيرا ولكان الله سبحانه ظلّاما وليس به فلا يظلم احدا ولا مثقال ذرة. او المراد أنه لو كان يظلم الناس حقهم لكان ظلّاما باعتبار كثرة موارد الظلم. ويمكن أن يكون (ظلّام) بمعنى ظالم كما قيل.

 


[1] الناس 4- 5

[2] البقرة: 284

[3] الكافي ج2 ص428 باب من يهم بالحسنة او السيئة

[4] البقرة: 286

[5] الانفال: 24

[6] الكافي ج2 ص184 باب المعانقة

[7] الكافي ج2 ص266 باب ان للقلب اذنين..

[8] نهج البلاغة الخطبة رقم 5

[9] الزمر: 68

[10] الزمر: 73

[11] الزخرف: 36

[12] فصلت: 25

[13] الانعام: 110

[14] آل عمران: 188

[15] النساء: 48

[16] الزخرف: 36

[17] الصافات: 51- 53

[18] ابراهيم: 22

[19] الزمر: 31

[20] يس: 60

[21] ص: 85

[22] النساء: 48 و116